الْمُلَّاكِ بَقِيَ عَلَى خِيَارِهِ وَكَانَ لَهُ أَنْ يُمْسِكَ أَيَّهمَا شَاءَ وَيَرُدَّ الْآخَرَ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الِاثْنَيْنِ (هِنْدِيَّةٌ) مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْعِ خِيَارُ شَرْطٍ. إذَا كَانَ الْمُخَيَّرُ بِخِيَارِ التَّعْيِينِ هُوَ الْبَائِعُ يَجْرِي فِي ذَلِكَ الْأَحْكَامُ السَّبْعَةُ الْآتِيَةُ:
الْأَوَّلُ: إنَّ الْبَائِعَ مُجْبَرٌ عَلَى أَنْ يُعَيِّنَ مَا يُرِيدُهُ مَبِيعًا مِنْ الْمَالَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ الَّتِي بَاعَهَا بِخِيَارِ التَّعْيِينِ وَلَيْسَ فَسْخُ الْبَيْعِ فِي جَمِيعِ الْمَبِيعِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارُ الشَّرْطِ مَعَ خِيَارِ التَّعْيِينِ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَ الْبَائِعَ بِوَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْمَبِيعَاتِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ قَبُولِ مَا يُلْزِمُ بِهِ الْبَائِعَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مِنْ جَانِبِ الْمُشْتَرِي بَاتٌّ لَكِنْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ بِالْمَبِيعِينَ مَعًا لِأَنَّ الْمَبِيعَ وَاحِدٌ فَقَطْ.
الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ إذَا تَلِفَ مَبِيعٌ أَوْ مَبِيعَانِ مِنْ ثَلَاثَةٍ سَوَاءٌ أَكَانَ التَّلَفُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمْ بَعْدَهُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ ثَابِتٌ يَقِينًا وَمَوْجُودٌ وَتَرَدُّدُ الْحُكْمِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْهَالِكُ هُوَ الْمَبِيعُ فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَهُ فَلَا يَبْطُلُ شَكٌّ لَا يَزُولُ بِهِ مَا هُوَ ثَابِتٌ يَقِينًا فَإِنَّ الْيَقِينَ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ حَسَبَ الْمَادَّةِ (٤) إذَا تَلِفَ أَحَدُ الْمَبِيعَاتِ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَقِيَ الْبَائِعُ عَلَى خِيَارِهِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ كُنْت أُرِيدُ أَنْ أُعَيِّنَ التَّالِفَ مَبِيعًا وَقَدْ فَاتَنِي ذَلِكَ الْآنَ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ قَبُولِ مَا يُلْزِمُهُ بِهِ الْبَائِعُ بِزَعْمِ أَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُعَيِّنَ الْهَالِكَ مَبِيعًا لِأَنَّ الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ مُخَيَّرًا فِي الْبَيْعِ.
الثَّالِثُ: إذَا تَعَيَّبَ جَمِيعُ الْمَبِيعَاتِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِي يَكُونُ مُخَيَّرًا فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْمَبِيعَ الَّذِي يُلْزِمُهُ بِهِ الْبَائِعُ بِثَمَنِهِ الْمُسَمَّى وَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ بِسَبَبِ خِيَارِ الْعَيْبِ.
الرَّابِعُ: إذَا تَعَيَّبَ بَعْضُ الْمَبِيعَاتِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ أَيْضًا وَيُنْظَرُ بَعْدَئِذٍ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ أَلْزَمَ الْمُشْتَرِيَ بِالْمَبِيعِ الْخَالِي مِنْ الْعَيْبِ فَالْمُشْتَرِي مُجْبَرٌ عَلَى قَبُولِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْقَبُولِ بِحُجَّةِ أَنَّهُ كَانَ يَرْغَبُ فِي الْمَالِ الْمَعِيبِ وَأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ قَدْ تَعَيَّبَ فَلَا يُرِيدُ أَخْذَ شَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي بِذَلِكَ خِيَارُ تَعْيِينٍ أَمَّا إلْزَامُ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ الْمَعِيبِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ لَهُ قَبُولُهُ بِثَمَنِهِ الْمُسَمَّى وَلَهُ رَدُّهُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٢٩٣) وَلَكِنْ إذَا أَلْزَمَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي بِالْمَعِيبِ فَأَبَى الْمُشْتَرِي قَبُولَهُ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ بَعْدَ ذَلِكَ إلْزَامُهُ بِالْخَالِي مِنْ الْعَيْبِ لِأَنَّ خِيَارَ التَّعْيِينِ قَدْ انْتَهَى بِاسْتِعْمَالِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً.
الْخَامِسُ: إذَا تَلِفَ جَمِيعُ الْمَبِيعَاتِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ يُصْبِحُ الْبَيْعُ مُنْفَسِخًا وَبَاطِلًا بِحَسَبِ الْمَادَّةِ ٢٩٣.
السَّادِسُ: إذَا تَلِفَتْ الْمَبِيعَاتُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ وُقُوعُ التَّلَفِ عَلَى التَّعَاقُبِ أَيْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا عَقِبَ الْآخَرِ فَمَا مَلَكَ أَوَّلًا يَكُونُ أَمَانَةً وَمَا تَلِفَ ثَانِيًا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ وَإِذَا تَلِفَا مَعًا يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِمَا.
السَّابِعُ: إذَا تَعَيَّبَ جَمِيعُ الْمَبِيعَاتِ أَوْ بَعْضُهَا بَعْدَ الْقَبْضِ بَقِيَ الْبَائِعُ كَمَا كَانَ مُخَيَّرًا وَلَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُشْتَرِيَ بِمَا يُرِيدُهُ مِنْ الْمَالِ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا كَانَ الْمَالُ الَّذِي أُلْزِمَ بِهِ الْمُشْتَرِي غَيْرَ الْمَعِيبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute