إيضَاحُ الْحَبْسِ بِالثَّمَنِ: لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَ الْمَشْفُوعَ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ، يَعْنِي لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ تَسْلِيمِهِ لِلشَّفِيعِ وَإِذَا أَخَّرَ الشَّفِيعُ إيفَاءَ الثَّمَنِ بَعْدَ الْحُكْمِ، عَلَى مَا صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (١٣١٠) ، فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ " الْهِدَايَةُ فَتْحُ الْمُعِينِ، الدُّرَرُ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ ".
اسْتِثْنَاءٌ: الشُّفْعَةُ لَيْسَتْ كَالْبَيْعِ فِي ضَمَانِ الْغُرُورِ يَعْنِي لَا يَجْرِي ضَمَانُ الْغُرُورِ فِي الشُّفْعَةِ كَمَا يَجْرِي فِي الْبَيْعِ، بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ " ٦٥٨ "؛ لِأَنَّ فِي الشُّفْعَةَ جَبْرًا. مَثَلًا، لَوْ بَنَى الشَّفِيعُ أَبْنِيَةً عَلَى الْعَرْصَةِ الْمَشْفُوعَةِ بَعْدَ أَخْذِهِ إيَّاهَا بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ، فَضَبَطَ الْعَرْصَةَ وَهُدِمَتْ الْأَبْنِيَةُ بِطَلَبِهِ، فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي كَمَا وُضِّحَ آنِفًا، إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِمَا بِقِيمَةِ الْأَبْنِيَةِ " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ " وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ صَارَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ لَمَّا أَوْجَبَ لَهُ فِي الدَّارِ صَارَ غَارًّا لَهُ، وَالْمَغْرُورُ يَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ بِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّمَانِ وَالْخُسْرَانِ، أَمَّا الشَّفِيعُ فَلَمْ يَصِرْ مَغْرُورًا مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ تَمَلَّكَ الدَّارَ عَلَى كُرْهٍ مِنْهُ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ، (الطَّحْطَاوِيُّ)
[ (مَادَّةُ ١٠٣٨) مَاتَ الشَّفِيعُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلْمَشْفُوعِ]
(مَادَّةُ ١٠٣٨) -، (لَوْ مَاتَ الشَّفِيعُ بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَطَلَبِ التَّقْرِيرِ وَقَبْلَ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلْمَشْفُوعِ بِتَسْلِيمِهِ بِالتَّرَاضِي مَعَ الْمُشْتَرِي أَوَبِحُكْمِ الْحَاكِمِ لَمْ يَنْتَقِلْ حَقُّ الشُّفْعَةِ إلَى وَرَثَتِهِ) ، سَوَاءٌ تُوُفِّيَ قَبْلَ الطَّلَبِ أَمْ بَعْدَهُ. بِنَاءً عَلَيْهِ فَلَا حَقَّ لِلْوَرَثَةِ فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُورِثُ غَيْرَ مَالِكٍ لِلْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ وَكَذَلِكَ الْوَارِثُ لَا يَكُونُ مَالِكًا، وَبِمَا أَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ حَقِّ تَمَلُّكٍ وَمَشِيئَةٍ فَهُوَ قَائِمٌ بِالشَّفِيعِ، وَمَوْتُ الشَّفِيعِ يُبْطِلُ الشُّفْعَةَ، (الْهِنْدِيَّةُ وَفَتْحُ الْمُعِينِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَزُولُ مِلْكُهُ بِالْمَوْتِ عَنْ دَارِهِ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهَا لِلْوَارِثِ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَقِيَامِ مِلْكِ الشَّفِيعِ فِي الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ إلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ شَرْطٌ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ وَقْتَ الْأَخْذِ وَلَا فِي حَقِّ الْوَارِثِ وَقْتُ الْبَيْعِ فَبَطَلَتْ؛ لِأَنَّهَا تُسْتَحَقُّ بِالْمِلْكِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَا بِالْمِلْكِ الزَّائِلِ وَقْتَ الْأَخْذِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . أَمَّا لَوْ تُوُفِّيَ بَعْدَ أَنْ مَلَكَ الْمَشْفُوعَ بِتَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ بِالرِّضَاءِ أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَيَرِثُ وَرَثَةُ الشَّفِيعِ الْمَشْفُوعَ، (الْبَهْجَةُ) .
حَتَّى إنَّهُ لَوْ تُوُفِّيَ الشَّفِيعُ بَعْدَ أَنْ حَكَمَ الْحَاكِمَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَقَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ وَيَقْبِضَ الْمَشْفُوعَ فَتَلْزَمُ الشُّفْعَةُ فِي حَقِّ وَرَثَةِ الشَّفِيعِ، (الْهِدَايَةُ) .
جَاءَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، (إذَا تُوُفِّيَ الشَّفِيعُ) ؛ لِأَنَّ وَفَاةَ الْمُشْتَرِي لَا تُبْطِلُ الشُّفْعَةَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ بَاقٍ وَسَبَبُ الْحَقِّ لَمْ يَتَغَيَّرْ، فَوَفَاةُ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ لَا تُغَيِّرُ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ وَإِنْ انْتَقَلَ الْمَشْفُوعُ إلَى الْوَرَثَةِ فَلَوْ دَخَلَ الْمَشْفُوعُ فِي مِلْكِ آخَرَ بِوَجْهٍ كَبَيْعِ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ مِنْ آخَرَ أَوْ هِبَتِهِ مِنْهُ تَبْقَى شُفْعَةُ الشَّفِيعِ وَكَمَا أَنَّ لِلْمُشْتَرِي حَقَّ نَقْضِ تَصَرُّفَاتِهِ، وَلَوْ وَقَفَهُ وَجَعَلَهُ مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً فَحَقُّ الشَّفِيعِ بَاقٍ فِي الْإِرْثِ أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute