السُّؤَالُ الثَّانِي - مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ كَانَ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا فِي قَبُولِ الْبَاقِي فَكَانَ مِنْ اللَّازِمِ إذَا تَلِفَتْ بَعْضُ الْمَنَافِعِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ فِي قَبُولِ الْبَاقِي مِنْهَا؛ لِأَنَّ تَلَفَ بَعْضِهَا كَتَلَفِ بَعْضِ الْمَبِيعِ.
الْجَوَابُ - إنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ وَاحِدٌ، فَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ الْبَاقِي كَأَنَّهُ مَعِيبٌ.
فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي قَبُولِهِ بِخِلَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ فَإِنَّهُ مُتَعَدِّدٌ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ سَاعَةً فَسَاعَةً حَسَبَ حُدُوثِ الْمَنَافِعِ؛ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إذَا تَلِفَتْ بَعْضُ الْمَنَافِعِ، الْخِيَارُ فِي بَاقِيهَا (الشِّبْلِيُّ) .
[ (الْمَادَّةُ ٤٣٤) الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي الْإِجَارَةِ هُمَا الْكَلِمَاتِ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ]
(الْمَادَّةُ ٤٣٤) الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي الْإِجَارَةِ هُمَا عِبَارَةٌ عَنْ الْكَلِمَاتِ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ كَآجَرْتُ وَكَرَيْتُ وَاسْتَأْجَرْتُ وَقَبِلْتُ.
وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ بِصِيغَةِ الْمَاضِي.
يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ حُكْمَانِ:
١ - أَنَّهُ لَمْ يُعَيَّنُ لَفْظٌ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ (اُنْظُرْ شَرْحَ عُنْوَانِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ) .
٢ - كَمَا تَصِحُّ إضَافَةُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ لِعَيْنِ الْمَأْجُورِ تَصِحُّ إضَافَتُهُ لِمَنْفَعَةِ تِلْكَ الْعَيْنِ بِخِلَافِ عَقْدِ الْبَيْعِ وَلِذَلِكَ يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ قَوْلَ الْبَائِعِ قَدْ بِعْتُكَ هَذَا الْمَتَاعَ أَيْ نَفْسَ الْمَبِيعِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْبَيْعُ بِخِلَافِ قَوْلِ الْمُؤَجِّرِ لِلْمُسْتَأْجِرِ: آجَرْتُكَ هَذَا الْمَحَلَّ؛ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ نَفْسَ الْمَأْجُورِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَنْفَعَتُهُ.
وَلَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّ إضَافَةَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ لِلْعَيْنِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الْمَنْفَعَةِ فِيمَا لَوْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ: آجَرْتُكَ دَارِي هَذِهِ قَائِمَةٌ مَقَامَ الْإِضَافَةِ إلَى الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ الْمَنَافِعُ وَعَلَيْهِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ.
لَوْ قَالَ: آجَرْتُكَ مَنْفَعَةَ دَارِي هَذِهِ سَنَةً، أَوْ بِعْتُكَ إيَّاهَا؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ مِنْ الْإِجَارَةِ هِيَ الْمَنْفَعَةُ كَمَا عَلِمْتَ وَمَا ذَكَرَهَا فِي الْإِجَارَةِ إلَّا لِلتَّأْكِيدِ (شَرْحُ الْمِنْهَاجِ، الْبَحْرُ وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ، الْهِنْدِيَّةُ) .
وَقَدْ حَذَفَتْ الْمَجَلَّةُ (الْمَأْجُورَ) لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْإِجَارَةِ صَحِيحَانِ.
وَقَدْ بَيَّنَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ أَرْبَعَ صُوَرٍ لِانْعِقَادِ الْإِجَارَةِ:
١ - آجَرْتُ: اسْتَأْجَرْتُ.
٢ - آجَرْتُ: قَبِلْتُ.
٣ - كَرَيْتُ: اسْتَأْجَرْتُ.
٤ - كَرَيْتُ: قَبِلْتُ.
وَقَدْ تَرْتَقِي هَذِهِ الصُّوَرُ الْأَرْبَعُ إلَى ثَمَانِي صُوَرٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا يُضَافُ إلَيْهِ الْعَقْدُ مِنْ عَيْنِ الْمَأْجُورِ، أَوْ مَنْفَعَتِهِ.
وَقَدْ أُشِيرَ بِكَافِ التَّشْبِيهِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَتْنِ إلَى عَدَمِ انْحِصَارِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ