بَعْضِ الثَّمَنِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَهِبَةِ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ حَطُّهُ عَنْهُ بَعْضَ الثَّمَنِ بَعْدَ إيفَاءِ الثَّمَنِ يَجِبُ أَلَّا يَكُونَ صَحِيحًا لَا الْهِبَةُ وَالْحَطُّ بَعْدَ الْإِيفَاءِ لَا يُضَافَانِ إلَى دَيْنٍ قَائِمٍ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ ١٥٨ لَمَّا كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يُؤَدِّ بِالْإِيفَاءِ عَيْنَ الْوَاجِبِ بَلْ مِثْلَهُ فَالدَّيْنُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ عَلَى حَالِهِ حَتَّى بَعْدَ الْأَدَاءِ وَإِنَّمَا يَسْقُطُ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ مِنْ الْمُطَالَبَاتِ الْمُتَكَرِّرَةِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ الْحَطُّ مِنْ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَمِنْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ (بَحْرٌ. رَدُّ الْمُحْتَارِ. دُرُّ الْمُخْتَارِ) فَإِذَا كَانَ الْبَائِعُ قَبَضَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ تَمَامًا قَبْلَ الْحَطِّ مِنْهُ أَوْ الْإِبْرَاءِ إبْرَاءِ إسْقَاطٍ أَوْ الْهِبَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْمِقْدَارَ الَّذِي حَطَّهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَسْقَطَهُ وَيُثْبِتُ ذَلِكَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَقَدْ قَيَّدَ الْإِبْرَاءَ فِي الشَّرْحِ بِالْإِسْقَاطِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ قِسْمَانِ:
أَحَدُهُمَا: إبْرَاءُ إسْقَاطٍ.
وَالثَّانِي: إبْرَاءُ اسْتِيفَاءٍ.
فَإِذَا أَبْرَأَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ وَكَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ أَدَّى الثَّمَنَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ أَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ إبْرَاءَ اسْتِيفَاءٍ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْبَائِعِ مَا قَبَضَهُ وَبَرَاءَةُ الْإِسْقَاطِ تَكُونُ بِعِبَارَةِ (أَبْرَأْت بِبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ) أَوْ (حَطَطْت بِبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ) وَبَرَاءَةُ الِاسْتِيفَاءِ تَكُونُ بِعِبَارَةِ (أَبْرَأْت بِبَرَاءَةِ الِاسْتِيفَاءِ) أَوْ (أَبْرَأْت بِبَرَاءَةِ الْقَبْضِ) .
أَمَّا إذَا أَطْلَقَ الْبَائِعُ الْإِبْرَاءَ فَيُحْمَلُ عَلَى بَرَاءَةِ الْقَبْضِ وَالِاسْتِيفَاءِ لِأَنَّ هَذِهِ الْبَرَاءَةَ أَقَلُّ مِنْ الْأُخْرَى (بَحْرٌ) أَمَّا الْهِبَةُ وَالْحَطُّ فَلِأَنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا عَلَى قِسْمَيْنِ كَالسَّابِقِ فَإِذَا وَهَبَ الْبَائِعُ مِقْدَارًا مِنْ الثَّمَنِ. أَوْ حَطَّ مِقْدَارًا مِنْهُ عَنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ اسْتِيفَائِهِ مِنْهُ فَلِلْمُشْتَرِي حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي حَطَّهُ عَنْهُ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ (دُرُّ الْمُخْتَارِ. طَحْطَاوِيٌّ. بَحْرٌ) . (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١ ٢٦) .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَطَّ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى كَمَا يَجُوزُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا الزِّيَادَةُ فِيهِ يَجُوزُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يَجُوزُ فِيهَا الزِّيَادَةُ فِيهِ. (الْخُلَاصَةُ) .
[ (الْمَادَّةُ ٢٥٧) زِيَادَةُ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ]
(الْمَادَّةُ ٢٥٧) زِيَادَةُ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ وَتَنْزِيلُ الْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْعَقْدِ تَلْحَقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ يَعْنِي يَصِيرُ كَأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى مَا حَصَلَ بَعْدَ الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ (زِيَادَةُ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ) كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ ٢٥٤ (وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ) كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ ٢٥٥ (وَتَنْزِيلُ الْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْعَقْدِ) كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ ٢٥٦ أَيْ أَنَّهُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَوَادِّ الثَّلَاثِ السَّابِقَةِ يَلْحَقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ الزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ وَالزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ وَالْحَطُّ مِنْ الثَّمَنِ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ إنَّ طَرِيقَ ثُبُوتِ الْأَحْكَامِ أَرْبَعَةٌ: -
الِاسْتِنَادُ وَالِانْقِلَابُ وَالِاقْتِصَارُ وَالتَّبْيِينُ.
الِاسْتِنَادُ - ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي الْحَالِ بِاسْتِنَادِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَالِاسْتِنَادُ دَائِرٌ بَيْنَ التَّبْيِينِ وَالِاقْتِصَارِ اللَّذَيْنِ سَيَأْتِي بَيَانُهُمَا
مِثَالُ ذَلِكَ الْغَاصِبُ الَّذِي غَصَبَ مَالًا قَبْلَ شَهْرٍ فَاسْتَهْلَكَهُ فَإِذَا ضَمِنَ قِيمَةَ ذَلِكَ الْمَالِ فِي يَوْمٍ كَانَ مَالِكًا لِلْمَالِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَكِنْ حُكْمُ هَذِهِ الْمِلْكِيَّةِ يَرْجِعُ إلَى الْوَرَاءِ أَيْ إلَى يَوْمِ الْغَصْبِ وَاسْتِهْلَاكِ الْمَالِ فَيَكُونُ الْغَاصِبُ بِمَنْزِلَةِ مُسْتَهْلِكٍ مَالَ نَفْسِهِ فَثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.
الِانْقِلَابُ - صَيْرُورَةُ الشَّيْءِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ لِثُبُوتِ الْحُكْمِ عِلَّةٌ كَالتَّعْلِيقِ.
مِثَالُ ذَلِكَ كَمَا إذَا قَالَ إنْسَانٌ لِذِي دَيْنٍ إذَا حَضَرَ مَدِينُك فَأَنَا كَفِيلٌ بِمَالِك عَلَيْهِ فَهَذَا اللَّفْظُ لَيْسَ فِي الْحَالِ عِلَّةً وَسَبَبًا