إذْ وُهِبَتْ الْوَدِيعَةُ لِذِي الْيَدِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا يَعْنِي لِلْمُسْتَوْدَعِ وَظَهَرَ بَعْدَ تَلَفِهَا فِي يَدِهِ مُسْتَحِقٌّ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مُخَيَّرًا.
إنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْوَاهِبِ وَإِنْ شَاءَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩١٠) وَإِذَا ضَمَّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ يُنْظَرُ فِيمَا إذَا جَدَّدَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْقَبْضَ بَعْد الِاتِّهَابِ وَقَبْلَ تَضْمِينِ الْمُسْتَحِقِّ الْوَاهِبَ الْمُودِعَ فَلَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَاهِبِ بِمَا ضَمَّنَهُ.
(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٨٦١) أَمَّا إذَا لَمْ يُجَدِّدْ قَبْضَهُ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَاهِبِ بِمَا ضَمَّنَهُ وَالْفَرْقُ هُوَ إذَا لَمْ يُجَدِّدْ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْقَبْضَ لَا يُنْتَقَضُ عَقْدُ الْوَدِيعَةِ بِالْهِبَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ غَرُورًا فِي عَقْدٍ عَائِدٍ نَفْعُهُ لِلدَّافِعِ كَمَا بُيِّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٦٥٨) الذَّخِيرَةُ فَصْلٌ " ١٣ "، فَعَلَيْهِ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ بِمَالِ وَهَبَهُ الْأَبُ لِطِفْلِهِ الصَّغِيرِ وَتَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ فَضَمَّنَ الْمُسْتَحِقُّ الْأَبَ فَلَيْسَ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَمَّا إذَا ضَمَّنَ الصَّغِيرَ الْمَالَ بَعْدَ الْبُلُوغِ يُنْظَرُ فَإِذَا جَدَّدَ الصَّغِيرُ بَعْدَ الْبُلُوغِ الْقَبْضَ فِي ذَلِكَ الْمَالِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى أَبِيهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُجَدِّدْ الْقَبْضَ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى أَبِيهِ " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي الْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ " " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٦٥٨ ".
[ (الْمَادَّةُ ٨٤٧) وَهَبَ أَحَدٌ دَيْنَهُ لِلْمَدْيُونِ أَوْ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ عَنْ الدَّيْنِ وَلَمْ يَرُدَّهُ الْمَدْيُونُ]
(الْمَادَّةُ ٨٤٧) - (إذَا وَهَبَ أَحَدٌ دَيْنَهُ لِلْمَدْيُونِ أَوْ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ عَنْ الدَّيْنِ وَلَمْ يَرُدَّهُ الْمَدْيُونُ تَصِحُّ الْهِبَةُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الدَّيْنُ فِي الْحَالِ) .
لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ أَوْ إبْرَائِهِ مِنْهُ لَكِنْ يُرَدُّ بِرَدِّهِ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ وَالْإِبْرَاءَ مِنْ الدَّيْنِ هُمَا مِنْ وَجْهٍ تَمْلِيكٌ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ إسْقَاطٌ. فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ إسْقَاطٌ يَصِحُّ بِلَا قَبُولٍ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَمْلِيكٌ فَيُرَدُّ بِرَدِّهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . كَمَا تُرَدُّ التَّمْلِيكَاتُ الَّتِي كَالْبَيْعِ بَعْدَ الْإِيجَابِ بِرَدِّ الطَّرَفِ الْآخَرِ إيَّاهَا وَعَلَيْهِ فَقَدْ صَارَتْ هِبَةُ الدَّيْنِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ تَمْلِيكًا مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مَالٌ مِنْ وَجْهٍ أَيْ مَالًا وَبِاعْتِبَارِ الْآتِي حَتَّى تَجِبَ الزَّكَاةُ فِيهِ كَمَا يَصِحُّ اشْتِرَاءُ الدَّائِنِ مَتَاعًا مِنْ الْمَدْيُونِ فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ أَمَّا الْبَيْعُ فَهُوَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ. وَقَدْ صَارَ مِنْ وَجْهٍ إسْقَاطًا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ بِاعْتِبَارِ الْحَالِ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَيْنًا وَحَلَفَ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى أَنْ لَا مَالَ لَهُ لَا يَحْنَثُ كَمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ عَمْرٍو بِمَا لَهُ عَلَى زَيْدٍ مِنْ الدَّيْنِ فَعَلَيْهِ يُرَدُّ التَّمْلِيكُ بِالرَّدِّ بِاعْتِبَارِ الدَّيْنِ مَالًا أَمَّا بِاعْتِبَارِهِ وَصْفًا فَيَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْإِسْقَاطَ يَتِمُّ بِوُجُودِ الْمُسْقِطِ وَلَا يُتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ (الزَّيْلَعِيّ فِي الْإِجَارَةِ مَعَ الْإِيضَاحِ) .
بَعْضُ مَسَائِلَ مُتَفَرِّعَةٍ عَنْ الضَّابِطِ الْأَوَّلِ: - الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا وَهَبَ أَحَدٌ دَيْنَهُ لِمَدْيُونِهِ أَوْ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ أَوْ أَبَاحَهُ دَيْنَهُ وَلَمْ يَرُدَّ الْآخَرُ الْهِبَةَ أَوْ الْإِبْرَاءَ أَوْ الْإِبَاحَةَ تَصِحُّ الْهِبَةُ أَوْ الْإِبْرَاءُ أَوْ الْإِبَاحَةُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الدَّيْنُ فِي الْحَالِ بِدُونِ تَوَقُّفٍ عَلَى قَبُولِ الْمَدْيُونِ وَتَكُونُ الْهِبَةُ بِمَعْنَى الْإِبْرَاءِ مَجَازًا وَبِمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْهِبَةِ الْقَبُولُ دُونَ الْإِبْرَاءِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٨٣٧) فَتَفْتَرِقُ الْهِبَةُ عَنْ الْإِبْرَاءِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِمَدْيُونِهِ: تَرَكْت لَك دَيْنِي، أَوْ قَالَ " حَقّ خويش بتوماندم أَوْ ترابحل كردم " فَيَكُونُ قَدْ أَبْرَأَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ دَيْنَهُ الْمَذْكُورَ مِنْهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَحَدٌ (همه غر بِمَا نرامجل كردم) بَرِئَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute