مَدْيُونُو ذَلِكَ الشَّخْصِ (الْهِنْدِيَّةُ وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ أَبَاحَ الدَّائِنُ مَدْيُونَهُ الدَّيْنَ عِنْدَمَا بَلَغَتْهُ وَفَاةٌ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَثَبَتَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَدْيُونَ حَيٌّ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ دَيْنِهِ بَعْدُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (٥١) (الْأَنْقِرْوِيُّ) .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ وَهَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الدَّائِنِينَ حِصَّتَهُ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ لِلْمَدْيُونِ صَحَّتْ الْهِبَةُ. كَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ دَيْنَهُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ وَوَهَبَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ الدَّيْنَ لِلْمَدْيُونِ كَانَتْ الْهِبَةُ صَحِيحَةً فِي حِصَّتِهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
كَذَلِكَ إذَا كَانَ لِشَخْصَيْنِ عَلَى زَيْدٍ دَيْنٌ أَرْبَعُمِائَةِ قِرْشٍ مُنَاصَفَةً وَوَهَبَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِزَيْدٍ يَعْنِي لَوْ قَالَ: وَهَبْتُك بَرِئَ زَيْدٌ مِنْ مِائَتَيْ قِرْشٍ وَإِذَا قَالَ: وَهَبْتُك نِصْفَهُ، نَفَذَ فِي رُبْعِهِ وَبَقِيَ فِي الرُّبْعِ الثَّانِي مَوْقُوفًا عَلَى إذْنِ الشَّرِيكِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٨٥٨) (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . كَمَا فِي هِبَةِ نِصْفِ الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ (الْخَانِيَّةُ قُبَيْلَ " فَصْلٌ فِي هِبَةِ الْمُشَاعِ ") .
وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ صَاحِبَيْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً نِصْفَ ذَلِكَ الْمَالِ يَنْصَرِفُ ذَلِكَ إلَى حِصَّتِهِ لَكِنْ لَوْ بَاعَ الْفُضُولِيُّ نِصْفَ الْمَالِ الْمَذْكُورِ وَأَجَازَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَفَذَ فِي رُبْعِ الْمَالِ فَقَطْ (الْفُصُولَيْنِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ) وَقَدْ مَرَّ فِي هَذَا الشَّأْنِ بَعْضُ الْمَسَائِلِ فِي الْبُيُوعِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: إذَا لَمْ يُرَدَّ، أَنَّهُ لَا حَاجَةَ أَنْ يَقُولَ الْمَدْيُونُ: قَبِلْت الْهِبَةَ أَوْ الْإِبْرَاءَ لِتَمَامِهِمَا، حَتَّى أَنَّهُ تُوُفِّيَ الْمَدْيُونُ قَبْلَ الْقَبُولِ لَزِمَتْ الْهِبَةُ (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ، الْهِنْدِيَّةُ) .
فَائِدَةٌ: إذَا كَانَ مِقْدَارٌ مِنْ دَيْنِ الدَّائِنِ قِسْمًا مِنْ هَذَا الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ وَانْصَرَفَتْ الْهِبَةُ إلَى الْمُعَجَّلِ وَالْمُؤَجَّلِ مُنَاصَفَةً؛ لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِصَرْفِهِ إلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ. مَثَلًا لَوْ كَانَ لِلدَّائِنِ عَلَى مَدْيُونِهِ أَلْفُ قِرْشٍ مُعَجَّلَةٌ وَأَلْفٌ أُخْرَى مُؤَجَّلَةٌ، وَقَالَ الدَّائِنُ لِلْمَدْيُونِ بِدُونِ تَعْيِينٍ: وَهَبْتُك خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ فَتَسْقُطُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ مِنْ الْمُعَجَّلِ وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ مِنْ الْمُؤَجَّلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ) .
إيضَاحُ قُيُودِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى:
١ - مَدْيُونُهُ، هَذَا التَّعْبِيرُ بِاعْتِبَارٍ احْتِرَازِيٌّ فَخَرَجَتْ الْهِبَةُ بِغَيْرِ الْمَدْيُونِ وَسَيُبَيَّنُ حُكْمُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَبِاعْتِبَارٍ آخَرَ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَلَوْ وَهَبَ دَائِنُ الْمُتَوَفَّى دَيْنَهُ لِوَرَثَتِهِ كَانَتْ هِبَةً صَحِيحَةً وَلَوْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ وَإِذَا رَدَّ الْوَارِثُ هَذِهِ الْهِبَةَ رُدَّتْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَلَا تُرَدُّ بِرَدِّ الْوَارِثِ (التَّتَارْ خَانَيِّةُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) الْمَدْيُونُ يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ هَذَا التَّعْبِيرِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّ الْهِبَةَ لِلْمَدِينِ صَحِيحَةٌ وَلَوْ كَانَ قَدْ تُوُفِّيَ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ الدَّائِنُ دَيْنَهُ الَّذِي عَلَى الْمُتَوَفَّى لَهُ كَانَتْ صَحِيحَةً وَإِذَا رُدَّ لِوَارِثِ هَذِهِ الْهِبَةِ يَجْرِي الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ آنِفًا، كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الدَّائِنُ دَيْنَهُ لِبَعْضِ وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى تَكُونُ الْهِبَةُ صَحِيحَةً أَيْضًا وَتَكُونُ كَالْهِبَةِ لِلْمُتَوَفَّى بِنَاءً عَلَيْهِ يَسْتَفِيدُ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ مِنْهُ وَيُرَدُّ هَذَا الْإِبْرَاءُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي بِرَدِّهِ وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute