للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِسْمُ الثَّانِي - الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ. وَهُوَ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ عَلَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمَطْلُوبِ الْمُدَّعِي.

مَثَلًا إذَا طَلَبَ الْمُودِعُ مِنْ الْمُسْتَوْدِعِ أَنْ يُؤَدِّيَ لَهُ عَيْنَ الْوَدِيعَةِ، أَوْ أَنْ يُؤَدِّيَ لَهُ بَدَلَهَا لِاسْتِهْلَاكِهِ إيَّاهَا، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَتَصَالَحَ مَعَ الْمُدَّعِي كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) حَتَّى لَوْ أَنَّ الْمُسْتَوْدِعَ أَقَرَّ بَعْدَ عَقْدِ الصُّلْحِ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي لَا يَلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى وُقُوعِ الْإِقْرَارِ (الْبَحْرُ فِي أَوَّلِ الصُّلْحِ) .

كَذَلِكَ إذَا عَقَدَ الْمُدَّعِي الصُّلْحَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ وَيَأْخُذَ مِنْ الْمُدَّعِي كَذَا مَبْلَغًا بَدَلَ صُلْحٍ كَانَ الصُّلْحُ صَحِيحًا وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُنْكِرِ بَيْعًا، وَفِي حَقِّ الْمُدَّعِي كَالزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

الْقِسْمُ الثَّالِثُ الصُّلْحُ عَنْ سُكُوتٍ، وَهُوَ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ عَلَى سُكُوتِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يُقِرَّ وَلَا يُنْكِرَ مَطْلُوبَ الْمُدَّعِي.

إنَّ أَقْسَامَ الصُّلْحِ الثَّلَاثَةَ هَذِهِ جَائِزَةٌ وَمَشْرُوعَةٌ لِأَنَّ الْعُمُومَ تُسْتَفَادُ مِنْ ظَاهِرِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: ١٢٨] (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَأَحْكَامُ هَذِهِ الْأَقْسَامِ وَارِدَةٌ فِي الْمَوَادِّ (الـ ١٥٤٧، ١٥٤٩، ١٥٥٠) .

[ (الْمَادَّةُ ١٥٣٦) الْإِبْرَاءُ عَلَى قِسْمَيْنِ]

الْمَادَّةُ (١٥٣٦) - (الْإِبْرَاءُ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا إبْرَاءُ الْإِسْقَاطِ، وَثَانِيهِمَا إبْرَاءُ الِاسْتِيفَاءِ أَمَّا إبْرَاءُ الْإِسْقَاطِ فَهُوَ أَنْ يُبْرِئَ أَحَدٌ آخَرَ مِنْ تَمَامِ حَقِّهِ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ يَحُطَّ مِقْدَارًا مِنْهُ وَهَذَا الْإِبْرَاءُ الْمَبْحُوثُ عَنْهُ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ هَذَا، وَأَمَّا إبْرَاءُ الِاسْتِيفَاءِ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ اعْتِرَافِ أَحَدٍ بِقَبْضِ وَاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْإِقْرَارِ) .

يَكُونُ الْإِبْرَاءُ بِالنَّظَرِ إلَى اللَّفْظِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَوَّلًا الْإِبْرَاءُ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا إبْرَاءُ إسْقَاطٍ وَالْآخَرُ إبْرَاءُ اسْتِيفَاءٍ، وَإِبْرَاءُ الْإِسْقَاطِ هُوَ أَنْ يُبْرِئَ أَحَدٌ آخَرَ بِإِسْقَاطِ تَمَامِ حَقِّهِ الْقَابِلِ لِلْإِسْقَاطِ الَّذِي هُوَ عِنْدَ الْآخَرِ، أَوْ يَحُطَّ مِقْدَارًا مِنْهُ مِنْ ذِمَّتِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ ١٥٦٢) .

وَتُسْتَعْمَلُ أَلْفَاظُ " أَسْقَطْت "، أَوْ " حَطَطْت "، أَوْ " أَبْرَأْتُك بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ " فِي بَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ، وَفَائِدَةُ تَعْبِيرِ " قَابِلٍ لِلْإِسْقَاطِ " تُفْهَمُ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْمَادَّةِ (الـ ٥١) وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ " تَمَامِ حَقِّهِ " بِأَنَّ الْبَرَاءَةَ يَجِبُ إضَافَتُهَا إلَى الْحَقِّ فَإِذَا أَضَافَ الْمُبْرِئُ الْإِبْرَاءَ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ يَقُولَ: إنِّي بَرِيءٌ مِنْ زَيْدٍ، أَوْ: إنَّ زَيْدًا بَرِيءٌ مِنِّي يَتَنَاوَلُ نَفْيَ الْمُوَالَاةِ وَالْمَحَبَّةِ، وَلَيْسَ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْحُقُوقِ. أَلَا يُرَى بِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ نَفْسِ الْغَيْرِ هِيَ إظْهَارٌ لِوُجُودِ الْعَدَاوَةِ وَالْوَحْشَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُبْرَأِ. أَمَّا الْإِبْرَاءُ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي لَهُ عَلَى الْغَيْرِ فَهُوَ إنْعَامٌ، وَإِظْهَارٌ لِلْمَحَبَّةِ لِذَلِكَ الْغَيْرِ (رِسَالَةُ الْإِقْرَارِ لِابْنِ عَابِدِينَ) كَذَلِكَ إذَا قَالَ صَاحِبُ الْأَجَلِ: إنَّنِي بَرِيءٌ مِنْ الْأَجَلِ، أَوْ إنَّنِي مُسْتَغْنٍ عَنْ الْأَجَلِ فَلَا يَبْطُلُ الْأَجَلُ (رِسَالَةُ الْإِبْرَاءِ للشرنبلالي) وَهَذَا هُوَ الْإِبْرَاءُ الْمَبْحُوثُ عَنْهُ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>