سُؤَالٌ
(٢) - لَمَّا كَانَتْ تَصَرُّفَاتُهُ الْوَاقِعَةُ صَحِيحَةً عِنْدَ الْإِمَامِ، لِعَدَمِ جَوَازِ حَجْرِهِ، فَلَيْسَ مِنْ فَائِدَةٍ فِي عَدَمِ تَسْلِيمِ مَالِهِ؟
الْجَوَابُ - لَمَّا كَانَ أَغْلَبُ تَصَرُّفَاتِ السَّفِيهِ هِيَ الْهِبَاتُ وَالصَّدَقَاتُ، وَكَانَ تَمَامُ ذَلِكَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبْضِ، فَإِذَا كَانَ الْمَالُ لَيْسَ فِي يَدِ السَّفِيهِ وَلَا يَسْتَطِيعُ تَسْلِيمَهُ فَبِذَلِكَ تُصْبِحُ هِبَاتُهُ وَصَدَقَاتُهُ بِلَا حُكْمٍ، وَفِيهِ أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ غَيْرُ حَاسِمٍ لِمَادَّةِ الْإِشْكَالِ، فَإِنَّ تَصَرُّفَ السَّفِيهِ إذَا كَانَ صَحِيحًا يَبِيعُ مَا فِي يَدِ الْوَصِيِّ بِثَمَنٍ ثُمَّ يُبْرِئُ الْمُشْتَرِيَ أَوْ يَبِيعُ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ فَيَتْلَفُ مَالُهُ فَلَا يُجْدِي هَذَا الْمَنْعُ نَفْعًا (الشَّارِحُ) وَيَجِبُ عِنْدَ الْإِمَامِ إعْطَاؤُهُ مَالَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَصِرْ رَشِيدًا؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ مَالِهِ هُوَ لِلتَّأْدِيبِ فَإِذَا لَمْ يَتَأَدَّبْ بَعْدَ وُصُولِ سِنِّ الْجُدُودِ فَلَا يَبْقَى أَمَلٌ فِي تَأْدِيبِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْكِفَايَةُ شَرْحُ الْهِدَايَةِ) فَإِذَا وَصَلَ الْمَرْءُ سِنَّ مَنْ يَصِيرُ جَدًّا أَوْ جَدَّةً وَلَمْ يَتَأَدَّبْ يُقْطَعُ الْأَمَلُ مِنْ تَأْدِيبِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْكِفَايَةُ شَرْحُ الْهِدَايَةِ) أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ يَصِيرُ جَدًّا فِي هَذِهِ السِّنِّ وَوَلَدُهُ قَاضِيًا، وَفِيهِ حَجْرُ الْوَلَدِ وَالِدَهُ مَعَ كَوْنِهِ حُرًّا بَالِغًا فَيُؤَدِّي إلَى أَمْرٍ قَبِيحٍ (الْجَوْهَرَةُ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَلَا تُعْطَى إلَيْهِ أَمْوَالُهُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ رُشْدُهُ وَلَوْ تَجَاوَزَ الْخَامِسَةَ وَالْعِشْرِينَ وَأَصْبَحَ شَيْخًا فِي الثَّمَانِينَ كَمَا أَنَّ تَصَرُّفَهُ فِي أَمْوَالِهِ قَبْلَ الرُّشْدِ لَيْسَ بِجَائِزٍ مَا لَمْ يُجِزْهُ الْحَاكِمُ (الْهِنْدِيَّةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ) . عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْمُتُونِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّهَا تُرَجِّحُ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إلَّا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ رُشْدُهُ) أَنَّهَا اخْتَارَتْ قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ (التَّنْقِيحُ) وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي الشَّخْصِ الَّذِي بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ إذَا بَلَغَ السَّنَةَ الْخَامِسَةَ وَالْعِشْرِينَ غَيْرَ رَشِيدٍ فَسَلَّمَهُ الْوَصِيُّ مَالَهُ فَلَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ عِنْدَ الْإِمَامِ ضَمَانٌ. وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ إيَّاهُ بَعْدَ الطَّلَبِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ لَزِمَ الضَّمَانُ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ الْمُشَارِ إلَيْهِ مَا فَيَلْزَمُ الْوَصِيَّ الضَّمَانُ فِي صُورَةِ التَّسْلِيمِ وَعَدَمُ الضَّمَانِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْلِيمِ، وَبِمَا أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْوَصِيِّ فِي حَالَةِ التَّسْلِيمِ (أَبُو السُّعُودِ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ تَصَرُّفَاتِ مَنْ يَبْلُغُ غَيْرَ رَشِيدٍ وَلَمْ يَصِلْ سِنَّ الْخَامِسَةِ وَالْعِشْرِينَ صَحِيحَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ وَغَيْرُ صَحِيحَةٍ عِنْدَ مُحَمَّدٍ (التَّنْقِيحُ) . أَمَّا تَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي اكْتَسَبَهَا وَهُوَ سَفِيهٌ فَهِيَ صَحِيحَةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْحَجِرُ بِالسَّفَهِ إذَا لَمْ يَحْجُرْهُ الْحَاكِمُ، وَالتَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَيْسَ صَحِيحًا إذْ يَنْحَجِرُ عِنْدَهُ بِمُجَرَّدِ السَّفَهِ.
[ (مَادَّةُ ٩٨٣) إذَا دَفَعَ وَصِيُّ الصَّغِيرِ مَالَهُ إلَيْهِ قَبْلَ ثُبُوتِ رُشْدِهِ فَضَاعَ الْمَالُ وَتَلَفَ]
(مَادَّةُ ٩٨٣) - (إذَا دَفَعَ وَصِيُّ الصَّغِيرِ مَالَهُ إلَيْهِ قَبْلَ ثُبُوتِ رُشْدِهِ فَضَاعَ الْمَالُ فِي يَدِ الصَّغِيرِ وَأَتْلَفَهُ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ) . إذَا لَمْ يَثْبُتْ رُشْدُ الصَّغِيرِ بِالْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ بِالتَّجْرِبَةِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٩٦٨) وَأَعْطَاهُ وَصِيُّهُ أَوْ وَلِيُّهُ أَمْوَالَهُ وَهُوَ مُمَيِّزٌ غَيْرُ بَالِغٍ فَضَاعَ الْمَالُ فِي يَدِ الصَّغِيرِ أَوْ أَتْلَفَهُ يَكُونُ الْوَصِيُّ ضَامِنًا وَلَوْ كَانَ الْإِعْطَاءُ بِطَلَبِ الصَّغِيرِ.
عَدَمُ ثُبُوتِ رُشْدِ الصَّغِيرِ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute