تَزْكِيَةَ الشُّهُودِ إذَا لَمْ يَكُونُوا وَاقِفِينَ تَمَامَ الْوُقُوفِ عَلَى أَحْوَالِهِمْ حَتَّى أَنَّ الْإِمَامَ مُحَمَّدًا قَالَ: إنَّنِي لَا أَقْبَلُ تَزْكِيَةَ أُنَاسٍ مِمَّنْ أَقْبَلُ شَهَادَاتِهِمْ يَعْنِي أَنَّ الشَّهَادَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الظَّوَاهِرِ، أَمَّا التَّعْدِيلُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ، فَلِذَلِكَ تَلْزَمُ فِي التَّزْكِيَةِ شُرُوطٌ عَدِيدَةٌ:
١ - أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ عِنْدَ قَاضٍ عَادِلٍ.
٢ - أَنْ يَكُونَ الْمُزَكِّي عَالِمًا بِأَحْوَالِ الشَّاهِدِ وَمُخْتَبِرًا إيَّاهُ بِسَفَرِهِ مَعَهُ أَوْ بِمُشَارَكَتِهِ لَهُ أَوْ بِمُعَامَلَتِهِ لَهُ بِصُورَةٍ أُخْرَى.
٣ - إذَا كَانَ الشَّاهِدُ مُسْلِمًا أَنْ يَكُونَ الْمُزَكِّي عَالِمًا عَنْهُ أَنَّهُ مُلَازِمٌ عَلَى أَدَاءِ الصَّلَاةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَفِي الْجَوَامِعِ وَالْمَسَاجِدِ.
٤ - أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مَعْرُوفًا بِصِحَّةِ الْمُعَامَلَةِ فِي دِرْهَمِهِ وَدِينَارِهِ أَيْ فِي بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ.
٥ - أَنْ يَكُونَ مُؤَدِّيًا لِلْأَمَانَاتِ.
٦ - أَنْ يَكُونَ صَدُوقَ اللِّسَانِ.
٧ - أَنْ يَكُونَ مُجْتَنِبًا لِلْكَبَائِرِ وَغَيْرَ مُصِرٍّ عَلَى الصَّغَائِرِ وَمُحْتَرِزًا مِنْ الْأَفْعَالِ الْمُخِلَّةِ بِالْمُرُوءَةِ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُزَكِّي أَنْ يُزَكِّيَ أَحَدًا سَكَنَ مَحَلَّتَهُ مِنْ وَقْتٍ قَرِيبٍ وَتَعَارَفَ بِهِ مِنْ مُدَّةٍ وَجِيزَةٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٧١٧) .
[ (الْمَادَّةُ ١٧٢١) يَكْفِي فِي التَّزْكِيَةِ السَّرِيَّةِ مُزَكٍّ وَاحِدٍ]
الْمَادَّةُ (١٧٢١) - (يَكْفِي فِي التَّزْكِيَةِ السَّرِيَّةِ مُزَكٍّ وَاحِدٍ إلَّا أَنَّهُ رِعَايَةً لِلِاحْتِيَاطِ يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُزَكِّي أَقَلَّ مِنْ اثْنَيْنِ، وَالتَّزْكِيَةُ سِرًّا لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ الشَّهَادَةِ فَلِذَلِكَ يَكْفِي فِي الْخُصُوصِ الْمَذْكُورِ مُزَكٍّ عَادِلٌ وَاحِدٌ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُزَكِّي مَحْدُودًا بِالْقَذْفِ إلَّا أَنَّهُ رِعَايَةً لِلِاحْتِيَاطِ يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُزَكِّي أَقَلَّ مِنْ اثْنَيْنِ عَادِلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ اطْمِئْنَانٌ أَكْثَرُ إذَا كَانَ الْمُزَكُّونَ اثْنَيْنِ (أَبُو السُّعُودِ) وَكِفَايَةُ مُزَكٍّ وَاحِدٍ هُوَ لِأَنَّ التَّزْكِيَةَ مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَيُتَحَرَّى فِيهَا الْعَدَالَةُ فَقَطْ وَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ وَالْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ مُزَكِّيًا؛ لِأَنَّ خَبَرَ هَؤُلَاءِ مَقْبُولٌ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ) (الدُّرَرُ) .
وَلِذَلِكَ تَجُوزُ تَزْكِيَةُ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ كَالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالْأَعْمَى وَوَاحِدُ الزَّوْجَيْنِ فِي حَقِّ الْآخَرِ. مَثَلًا تَصِحُّ تَزْكِيَةُ الْأَبِ لِوَلَدِهِ وَتَزْكِيَةُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالْأَعْمَى وَتَزْكِيَةُ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا الشَّاهِدِ وَتَزْكِيَةُ الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ الشَّاهِدَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) وَلِذَلِكَ لَا تُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي التَّزْكِيَةِ السِّرِّيَّةِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَمَجْلِسُ الْقَضَاءِ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّالِثِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُزَكِّي أَقَلَّ مِنْ اثْنَيْنِ وَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَعَلَى رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ (الشِّبْلِيُّ) .