للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حُكْمُ الْإِقَالَةِ]

ِ - لَهَا ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ:

الْأَوَّلُ - عِنْدَ الْإِمَامِ وَهُوَ فَسْخُ مُوجِبَاتِ الْعَقْدِ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَمُوجِبَاتُ الْعَقْدِ هِيَ مَا يَثْبُتُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ بِغَيْرِ حَاجَةٍ إلَى شَرْطٍ وَذَلِكَ كَتَعْيِينِ الثَّمَنِ جِنْسًا وَقَدْرًا وَوَصْفًا وَتَعْيِينِ الْمَبِيعِ فَعَلَى هَذَا إذَا تَقَايَلَ الْمُتَبَايِعَانِ الْبَيْعَ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَيَجِبُ رَدُّ مِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ مِقْدَارِهِ الَّذِي اُتُّفِقَ عَلَيْهِ حِينَ الْعَقْدِ.

وَلَوْ كَانَ الْمَقْبُوضُ أَجْوَدَ أَوْ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا فَائِدَةَ فِي أَنْ يُشْتَرَطَ حِينَ الْإِقَالَةِ أَنْ يَدْفَعَ الثَّمَنَ مِنْ جِنْسٍ آخَرَ أَوْ يَنْقُصَ لِلنَّدَامَةِ أَوْ لِأَسْبَابٍ أُخْرَى أَوْ أَنْ يُزَادَ الثَّمَنُ أَوْ يُرَدَّ بَدَلُ غَيْرِهِ أَوْ يُؤَجَّلَ كَمَا أَنَّ السُّكُوتَ حِينَ الْإِقَالَةِ عَنْ الثَّمَنِ لَا يَضُرُّ شَيْئًا يَعْنِي أَنَّ كُلَّ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ وَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْفَسْخِ رَفْعُ الْأَوَّلِ بِحَيْثُ يَكُونُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى ذَلِكَ تَثْبُتُ الْحَالُ الْأُولَى وَثُبُوتُ هَذِهِ الْحَالِ يَقْتَضِي رُجُوعَ عَيْنِ الثَّمَنِ لِمَالِكِهِ الْأَوَّلِ وَعَدَمَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ رَدُّ الْمُحْتَارِ ".

مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا بَاعَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ مَالًا بِخَمْسِينَ رِيَالًا وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَ الثَّمَنَ تَقَايَلَا الْبَيْعَ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ رِيَالًا عِوَضًا عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَهُ فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ الْخَمْسِينَ رِيَالًا لِلْمُشْتَرِي دُونَ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ.

وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ رَجُلٌ مَالَهُ مِنْ آخَرَ بِخَمْسِينَ رِيَالًا ثُمَّ اتَّفَقَ هُوَ وَالْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي ثَمَانِيَةَ دَنَانِيرَ أَوْ عَشَرَةً بَدَلًا مِنْ الْخَمْسِينَ رِيَالًا وَبَعْدَ قَبْضِ الْبَائِعِ لِهَذِهِ الدَّنَانِيرِ تَقَايَلَا الْبَيْعَ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ إلَى الْمُشْتَرِي الْخَمْسِينَ رِيَالًا الْمُسَمَّاةَ ثَمَنًا حِينَ الْعَقْدِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الدَّنَانِيرَ الَّتِي قَبَضَهَا؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْبَائِعِ لِلثَّمَانِيَةِ الدَّنَانِيرِ أَوْ الْعَشَرَةِ بَدَلًا مِنْ الْخَمْسِينَ رِيَالًا عَقْدٌ آخَرُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ الَّذِي وَقَعَ سَابِقًا وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ تَمْلِيكِ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ.

وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ آخَرَ مَالًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَدَفَعَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِرِضَاهُ بَدَلًا مِنْ سِتِّينَ رِيَالًا ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ بَعْدَ هُبُوطِ سِعْرِ الْمَالِ وَقِيمَةِ الرِّيَالِ فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ إلَى الْمُشْتَرِي الْعَشَرَةَ الدَّنَانِيرَ لَا السِّتِّينَ رِيَالًا الَّتِي قَبَضَهَا أَوْ مِثْلَهَا وَكَذَلِكَ إذَا عَقَدَ الْمُتَبَايِعَانِ الْبَيْعَ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مُعَجَّلًا ثُمَّ تَقَايَلَا عَلَى أَنْ يُرَدَّ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ لَغْوٌ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ فَوْرًا، وَكَذَلِكَ إذَا أَجَّلَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ هَذَا التَّأْجِيلُ صَحِيحًا عِنْدَ الْإِمَامِ.

وَالشَّرْطُ بَعْدَ الْعَقْدِ يُلْحَقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَوُجُوبُ رَدِّ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ إلَى الْمُشْتَرِي فِيمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا لَمْ يَقْبِضْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ رَدُّ الثَّمَنِ إلَى الْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّهُ إذَا أَبْرَأَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فَالْإِبْرَاءُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ إلَى الْمُشْتَرِي وَعَلَى ذَلِكَ إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَالْإِبْرَاءِ وَقَبْلَ إعَادَتِهِ إلَى الْبَائِعِ فَالْإِقَالَةُ بَاطِلَةٌ وَلَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي ضَمَانُ الْمَبِيعِ التَّالِفِ وَقَدْ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي الضَّمَانُ إلَّا أَنَّ الثَّمَنَ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ بِالْإِبْرَاءِ.

وَيَجُوزُ فِي الْإِقَالَةِ تَنْزِيلُ الثَّمَنِ إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ وَالْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَبَعْدَ اتِّفَاقِ الْمُتَقَايِلَيْنِ عَلَى التَّقَايُلِ عَلَى شَرْطِ تَنْزِيلِ الثَّمَنِ بِإِزَاءِ نَقْصٍ فِي الْمَبِيعِ لِعَيْبٍ فِيهِ فَفِي مِثْلِ ذَلِكَ تَصِحُّ الْإِقَالَةُ وَالشَّرْطُ وَالْمِقْدَارُ الَّذِي حُطَّ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ فِي الْمَبِيعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٨٣) أَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>