للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا شَرَطَ الْمُتَقَايِلَانِ تَنْزِيلَ الثَّمَنِ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَقْتَضِي الْعَيْبُ أَوْ أَقَلَّ فَالشَّرْطُ لَغْوٌ وَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَلَا يَحُطُّ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا مِقْدَارُ مَا يَقْتَضِي الْعَيْبُ الْحَقِيقِيُّ وَإِذَا حُطَّ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ فِي الْإِقَالَةِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ فِي الْمَبِيعِ وَزَالَ ذَلِكَ الْعَيْبُ مِنْ نَفْسِهِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِمَا حُطَّ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٩٨) .

وَجَفَافُ الْمَبِيعِ وَضُمُورُهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَا يُعَدَّانِ تَلَفًا فِي الْمَبِيعِ أَوْ بَعْضِهِ يَعْنِي إذَا كَانَ الْمَبِيعُ حِينَ الْبَيْعِ أَخْضَرَ ثُمَّ جَفَّ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَنَقَصَ وَزْنُهُ ثُمَّ تَقَايَلَا هُوَ وَالْبَائِعُ فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الْمُطَالَبَةُ بِحَطِّ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ مُقَابَلَةَ الْجَفَافِ وَنَقْصِ الْوَزْنِ اللَّذَيْنِ حَدَثَا فِي الْمَبِيعِ " هِنْدِيَّةٌ ".

مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَشَرَةَ أَرْطَالِ صَابُونٍ قَدْ جَفَّتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَصَارَتْ ثَمَانِيَةً وَتَقَايَلَا الْبَيْعَ فَلِلْمُشْتَرِي اسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ بِغَيْرِ نُقْصَانٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَفَافَ الْمَبِيعِ كَمَا لَا يُعَدُّ عَيْبًا فِيهِ فَلَا يُعَدُّ تَلَفًا فِي بَعْضِهِ أَبُو السُّعُودِ.

الْحُكْمُ الثَّانِي مِنْ أَحْكَامِ الْإِقَالَةِ: اعْتِبَارُهَا بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ الْعَاقِدَيْنِ فِيمَا لَمْ يَثْبُتْ بِمُوجَبِ الْعَقْدِ أَيْ مَا يَكُونُ ثُبُوتُهُ بِغَيْرِ الْعَقْدِ بَلْ بِأَمْرٍ زَائِدٍ عَلَيْهِ يَعْنِي بِغَيْرِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ مَسَائِلُ:

الْأُولَى: إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ آخَرَ مَالًا مُقَابِلَ مَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْمَالِ الْمُؤَجَّلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ فَلَا يَعُودُ الْأَجَلُ وَيَصِيرُ الْمَطْلُوبُ مُعَجَّلًا كَمَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَ الْمَبِيعَ ثَانِيًا؛ لِأَنَّ حُلُولَ هَذَا الدَّيْنِ قَدْ حَصَلَ بِرِضَا الْمَدِينِ لِقَبُولِهِ كَوْنَ هَذَا الدَّيْنِ ثَمَنًا وَلِأَنَّ الْمَدِينَ قَدْ أَسْقَطَ الدَّيْنَ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٥١) فَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي فَوْرًا وَقَدْ جَاءَ فِي (الطَّحْطَاوِيِّ وَرَدِّ الْمُحْتَارِ) : " وَلَوْ رَدَّهُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ بِقَضَاءٍ عَادَ الْأَجَلُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ فَإِنَّ الرَّدَّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ إذَا كَانَ بِالْقَضَاءِ يَكُونُ فَسْخًا وَلِذَا ثَبَتَ لِلْبَائِعِ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِالتَّرَاضِي فَإِنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ.

" الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مِمَّنْ يَتَفَرَّعُ عَلَى الْحُكْمِ الثَّانِي: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ بَعْدَ الْإِقَالَةِ أَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكُهُ فَشَهِدَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُعْتَبَرُ كَأَنَّهُ بَائِعُ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ (لِأَنَّ الَّذِي بَاعَهُ ثُمَّ شَهِدَ لِغَيْرِهِ) وَلَوْ كَانَتْ فَسْخًا لَقُبِلَتْ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ وَادَّعَى الْمَبِيعَ رَجُلٌ وَشَهِدَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟ لِأَنَّهُ عَادَ هَذَا لِفَسْخِ مِلْكِهِ الْقَدِيمِ فَلَمْ يَكُنْ مُتَلَقِّيًا مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ فَسْخًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.

الثَّالِثَةُ: إذَا بَاعَ رَجُلٌ مَتَاعًا بِخَمْسِ كَيْلَاتٍ مِنْ الْحِنْطَةِ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُتَبَايِعَانِ بَعْدَ قَبْضِ الْحِنْطَةِ فَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ إلَى الْمُشْتَرِي الْحِنْطَةَ الَّتِي قَبَضَهَا عَيْنَهَا وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهَا وَكَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي ذَلِكَ قَدْ بَاعَ الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ بِخَمْسِ كَيْلَاتِ حِنْطَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ زَيْلَعِيٌّ.

الرَّابِعَةُ: إذَا اشْتَرَى الدَّائِنُ الْمَكْفُولُ دَيْنُهُ مِنْ مَدِينِهِ مَالًا مُقَابِلَ الدَّيْنِ وَبَعْدَ الشِّرَاءِ تَقَايَلَا الْبَيْعَ فَلَا تَعُودُ الْكَفَالَةُ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٦٥٩ " فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْأَجَلَ وَالْكَفَالَةَ فِي الْبَيْعِ بِمَا عَلَيْهِ لَا يَعُودَانِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَفِي الرَّدِّ بِالْقَضَاءِ فِي الْعَيْبِ يَعُودُ الْأَجَلُ وَلَا تَعُودُ الْكَفَالَةُ وَلَوْ كَانَ الرَّدُّ بِالرِّضَا لَا تَعُودُ الْكَفَالَةُ بِالْأَوْلَى رَدُّ الْمُحْتَارِ "

<<  <  ج: ص:  >  >>