الْحُكْمُ الثَّالِثُ - أَنْ تَكُونَ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ الشَّخْصِ الثَّالِثِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ إذَا كَانَتْ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَنَذْكُرُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ خَمْسًا: إحْدَاهَا: الشُّفْعَةُ فِي بَيْعِ الْعَقَارِ إذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ فِي شِرَاءِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ تَقَايَلَا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ الْعَقَارَ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ شَخْصٌ ثَالِثٌ فَالْإِقَالَةُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ بَيْعٌ جَدِيدٌ أَيْ يُعْتَبَرُ الْبَائِعُ مُشْتَرِيًا لِلْعَقَارِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ فِي الْإِقَالَةِ.
ثَانِيَتُهَا: الرَّدُّ بِالْعَيْبِ فَإِذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْ آخَرَ ثُمَّ تَقَايَلَا وَظَهَرَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ قَدِيمٌ كَانَ فِيهِ حِينَمَا كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ إلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّ حُصُولَ الْإِقَالَةِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَالْمُشْتَرِي الثَّانِي بَيْعٌ جَدِيدٌ بِالنَّظَرِ إلَى الْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَيْ كَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ قَدْ بَاعَ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَتَبَدُّلُ سَبَبِ الْمِلْكِ فِي الشَّيْءِ كَتَبَدُّلِ الْعَيْنِ.
الثَّالِثَةُ: الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ هِبَةً فَبَاعَهُ الْمَوْهُوبُ مِنْ آخَرَ ثُمَّ تَقَايَلَ الْمُتَبَايِعَانِ فَلَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ هِبَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ بِالنَّظَرِ إلَى الْوَاهِبِ كَالْمُشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرِي زَيْلَعِيٌّ.
الرَّابِعَةُ: الرَّهْنُ فَإِذَا رَهَنَ الْمُشْتَرِي الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ ثُمَّ تَقَايَلَ هُوَ وَالْبَائِعُ فَالْإِقَالَةُ فِي حَقِّ الشَّخْصِ الثَّالِثِ الَّذِي هُوَ الْمُرْتَهِنُ بَيْعٌ جَدِيدٌ فَتَكُونُ مَوْقُوفَةً " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٧٤٧ ".
الْخَامِسَةُ: الْإِجَارَةُ فَإِذَا أُقِيلَ الْبَيْعُ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ إيجَارِهِ فَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي السَّابِقِ أَبُو السُّعُودِ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٥٩٠ " وَاعْتِبَارُ الْإِقَالَةِ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ الشَّخْصِ الثَّالِثِ فِيمَا إذَا وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ أَمَّا إذَا وَقَعَتْ قَبْلَهُ فَهِيَ فِيمَا عَدَا الْعَقَارِ مِنْ الْأَمْوَالِ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ لِتَعَذُّرِ جَعْلِهَا بَيْعًا زَيْلَعِيٌّ وَيَجْرِي فِي الْإِقَالَةِ خِيَارُ الشَّرْطِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ أَقَالَ الْبَيْعَ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ بِالْعَيْبِ الَّذِي حَدَثَ فِي الْمَبِيعِ فَالْبَائِعُ مُخَيَّرٌ عِنْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ شَاءَ أَبْقَى الْإِقَالَةَ دُونَ أَنْ يَحِقَّ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْإِقَالَةَ فَإِذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ وَأَصْبَحَ مِنْ الْمُتَعَذَّرِ رَدُّهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ عَالِمًا وَقْتَ الْإِقَالَةِ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ فِي الْمَبِيعِ فَلَا يَكُونُ مُخَيَّرًا بَعْدَ الْإِقَالَةِ رَدُّ الْمُحْتَارِ الْخَيْرِيَّةُ الْأَنْقِرْوِيُّ وَنَفَقَةُ النَّقْلِ وَغَيْرِهِ فِي رَدِّ الْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ سَوَاءٌ وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ عِنْدَ الْمَبِيعِ أَوْ فِي مَحِلٍّ آخَرَ رَدُّ الْمُحْتَارِ " وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ بَعْدَ التَّقَايُلِ فِي تَعْيِينِ الْمَبِيعِ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ غَيْرُ الْمَبِيعِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ هُوَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٨٧ " رَدُّ الْمُحْتَارِ ".
وَتَصِحُّ إقَالَةُ الْإِقَالَةِ فَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ حِصَانًا بِأَلْفِ قِرْشٍ ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ ثُمَّ عَادَا فَتَقَايَلَا الْإِقَالَةَ فَذَلِكَ صَحِيحٌ وَالْحِصَانُ يَعُودُ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقَالَةُ بَيْعِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ إقَالَتَهُ تَتَضَمَّنُ الْإِبْرَاءَ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَبِمَا أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ دَيْنٌ فَيَسْقُطُ الْإِبْرَاءُ وَالسَّاقِطُ لَا يَعُودُ " اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٥١ " رَدُّ الْمُحْتَارِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute