لِأَمْرِ الْقَضَاءِ أَنْ يَحْكُمَ وَهُوَ مُسْتَوٍ فِي الْجُلُوسِ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَحْكُمَ وَهُوَ مُتَّكِئٌ إذْ بِالْإِتْكَاءِ يَسْتَرِيحُ الْقَاضِي فَيَحْسُنُ رَأْيُهُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْكُمَ وَهُوَ مَاشٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَشْغُولًا بِالْمَشْيِ لَا يَجْتَمِعُ لَهُ رَأْيٌ. يَنْبَغِي عَلَى الْقَاضِي أَلَّا يَجْلِسَ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ لَا يَحْكُمُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي مَجْلِسِهِ أَرْبَعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ كَمَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يُحْضِرُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ فَلِذَلِكَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُوجِدَ أَشْخَاصًا عَدِيدِينَ مِنْ الْفُقَهَاءِ فِي مَجْلِسِهِ، وَأَنْ يَتَشَاوَرَ مَعَهُمْ كَمَا أَنَّ جُلُوسَ الْقَاضِي وَحْدَهُ يَجْعَلُهُ عُرْضَةً لِتُهْمَةِ الرِّشْوَةِ وَالْغَدْرِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) . وَمَعَ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ الْقَاضِي عَالِمًا فَلَا بَأْسَ مِنْ جُلُوسِهِ وَحْدَهُ أَمَّا إذَا كَانَ جَاهِلًا بِأُمُورِ الْقَضَاءِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إحْضَارُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَجْلِسَهُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الَّذِي لَا يَكُونُ عَالِمًا لَا يُؤْمَنُ خَوْفًا مِنْ ضَيَاعِ الْحَقِّ فَوُجُودُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مَجْلِسِهِ يَكُونُ مِنْهُ فَائِدَةٌ إذْ يُنَبِّهُونَهُ إلَى الْحَقِّ وَيُرْشِدُونَهُ إلَى الطَّرِيقِ، وَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يُجْلِسَ أَهْلَ الْعِلْمِ بِقُرْبِهِ (الزَّيْلَعِيّ) .
كُتَّابُ الْقَاضِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَاتِبُ الْقَاضِي أَمِينًا صَالِحًا وَوَاقِفًا عَلَى أُصُولِ ضَبْطِ الْقَضَايَا وَتَنْظِيمِ الْإِعْلَامَاتِ حَتَّى لَا يَفْسُدَ الْإِعْلَامُ الَّذِي يُحَرِّرُهُ؛ لِإِخْلَالِهِ بِبَعْضِ الشُّرُوطِ وَالْقَاضِي يُجْلِسُ كَاتِبَهُ فِي مَوْضِعٍ مُنَاسِبٍ لِمَنْعِهِ مِنْ أَخْذِ الْهَدَايَا أَوْ إجْرَاءِ عَمَلٍ آخَرَ. وَيَضْبِطُ هَذَا الْكَاتِبُ ادِّعَاءَ الطَّرَفَيْنِ وَمُدَافَعَتَهُمَا وَشَهَادَةَ الشُّهُودِ.
خَدَمَةُ الْقَاضِي وَالْمُحْضِرُونَ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُوجَدَ لَدَيْهِ أَثْنَاءَ الْمُرَافَعَةِ خَدَمَةٌ؛ لِيَمْنَعُوا النَّاسَ مِنْ الْكَلَامِ الْغَيْرِ اللَّازِمِ، وَمَنْ إجْرَاءِ أَعْمَالٍ مُخِلَّةٍ بِآدَابِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ التَّكَلُّمَ بِأُمُورٍ غَيْرِ لَازِمَةٍ فِي حُضُورِ الْقَاضِي يَكْسِرُ حُرْمَةَ الْقَاضِي، وَصِيَانَةَ مَاءِ وَجْهِهِ وَاجِبَةٌ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . وَيَجِبُ أَنْ يَقِفَ هَؤُلَاءِ الْخَدَمَةِ فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ عَنْ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ وُجُودَ هَؤُلَاءِ هُوَ لِلْمَهَابَةِ وَوُقُوفُهُمْ بَعِيدًا مِمَّا يُزِيلُ الْمَهَابَةَ (الزَّيْلَعِيّ) .
ثِيَابُ الْقَاضِي: كَمَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُبَادِرَ إلَى الْمُحَاكَمَةِ، وَهُوَ فِي أَعْدَلِ الْأَحْوَالِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنْ يَلْبَسَ أَحْسَنَ الثِّيَابِ فَلُبْسُ الْقَاضِي ثِيَابًا غَيْرَ نَظِيفَةٍ أَوْ مُمَزَّقَةً مِمَّا يُخِلُّ بِمَهَابَتِهِ (الْخَانِيَّةُ) .
الشُّهُودُ السَّامِعُونَ: بِمَا أَنَّهُ يَجِبُ عِنْدَ الْإِيجَابِ إثْبَاتُ حُكْمِ الْقَاضِي فَيَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُوجِدَ فِي مَجْلِسِهِ شُهُودًا مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ وَمَنْ السَّامِعِينَ (الزَّيْلَعِيّ) ، وَإِنَّ سَبَبَ ذِكْرِ الْمَجَلَّةِ فِي الْمَادَّةِ (١٨١٥) لُزُومُ إجْرَاءِ الْمُحَاكَمَةِ عَلَنًا هُوَ لِهَذَا السَّبَبِ.
بَوَّابُ الْمَحْكَمَةِ يُوقِفُ الْقَاضِي عَلَى بَابِ الْمَحْكَمَةِ بَوَّابًا وَهَذَا الْبَوَّابُ يَمْنَعُ مُهَاجَمَةَ أَصْحَابِ الْمَصَالِحِ إلَى غُرْفَةِ الْقَاضِي وَيُدْخِلُهُمْ بِتَرْتِيبِهِمْ وَلَيْسَ لِلْبَوَّابِ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ أَصْحَابِ الْمَصَالِحِ؛ لِإِدْخَالِهِمْ إلَى غُرْفَةِ الْقَاضِي.
[ (الْمَادَّةُ ١٧٩٦) الْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَدِيَّةَ أَحَدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ]
الْمَادَّةُ (١٧٩٦) (الْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَدِيَّةَ أَحَدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ) الْقَاضِي لَا يَقْبَلُ هَدِيَّةَ أَحَدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ، وَكَذَا رِشْوَتُهُمَا؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْهَدِيَّةِ وَالرِّشْوَةِ يُؤَدِّي إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute