وَقَوْلُهُ هُنَا الْإِقْرَارُ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْإِنْكَارِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْخُصُومَةِ إذَا أَنْكَرَ يَصِحُّ إنْكَارُهُ بِالْأَوْلَى (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . جَاءَ فِي الشَّرْحِ (عَلَى الْإِطْلَاقِ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إذَا اُسْتُثْنِيَ فَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ بَعْدَ ذَلِكَ صَحِيحًا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ فَلَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّ صَيْرُورَةَ الْإِقْرَارِ مُعْتَبَرَةٌ لِكَوْنِهِ جَوَابًا لِلْخَصْمِ. أَمَّا الْجَوَابُ فَإِنَّمَا يَكُونُ فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ وَالْجَوَابُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ عِبَارَةٌ عَنْ مُحَاوَلَةٍ وَمُحَادَثَةٍ وَلَمْ يُوَكَّلْ الْوَكِيلُ بِهَذَا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَعَلَيْهِ إذَا ثَبَتَ الْإِقْرَارُ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْحَاكِمِ بِشَاهِدَيْنِ فَلَا يَقْبَلُهُ. وَصَحَّحَ أَبُو يُوسُفَ إقْرَارَهُ مُطْلَقًا وَأَبْطَلَهُ زُفَرُ (التَّكْمِلَةُ) لَكِنْ إذَا تَحَقَّقَ الْإِقْرَارُ الَّذِي وَقَعَ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْحَاكِمِ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ مِنْ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يُصْبِحُ بِالْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ مُبْطِلًا فِي دَعْوَاهُ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى هُوَ يَعْتَرِفُ بِكَوْنِهِ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْخُصُومَةِ وَيَكُونُ مُؤَاخَذًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٦٤٨) . أَمَّا هَذَا الْإِقْرَارُ فَحَيْثُ إنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَسِيرَ فِي الدَّعْوَى بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَاسِطَةِ وَكِيلٍ عَنْهُ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) . أَمَّا إقْرَارُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ صَحِيحًا أَيْضًا؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُمَا نَظَرِيَّةٌ وَلَا نَظَرَ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى الصَّغِيرِ، وَأَمَّا التَّفْوِيضُ مِنْ الْمُوَكِّلِ مُطْلَقًا، أَيْ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِشَرْطِ النَّظَرِ فَيَدْخُلُ تَحْتَهُ الْإِنْكَارُ وَالْإِقْرَارُ جَمِيعًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥٨) .
مَثَلًا لَوْ ادَّعَى أَبُ الصَّغِيرِ أَوْ وَصِيُّهُ بِمَالِ لِلصَّغِيرِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَصَدَّقَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي إنْكَارِهِ فَلَا يَكُونُ هَذَا التَّصْدِيقُ صَحِيحًا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ وَلَا لِلْوَصِيِّ أَنْ يُقِيمَ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةَ ثَانِيَةً وَيُنَصَّبُ وَصِيٌّ آخَرُ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيُفْصَلُ فِيهَا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ثَانِيًا - لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ الْإِبْرَاءُ. يَعْنِي لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ وَالْمُرَافَعَةِ أَنْ يُبَرِّئَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الدَّعْوَى مِنْ دُونِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ. وَإِنْ فَعَلَ فَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ. وَمَا لَمْ يُجِزْ الْمُوَكِّلُ هَذَا الْإِبْرَاءَ فَلَهُ الِادِّعَاءُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . ثَالِثًا - لَا يَهَبُهُ. يَعْنِي لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ الْمُصَالَحَةُ وَالْهِبَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٨٥٧) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبِيلِ الْخُصُومَةِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ التَّوْكِيلِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
[ (الْمَادَّةُ ١٥١٨) إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ وَاسْتَثْنَى إقْرَارَهُ عَلَيْهِ]
الْمَادَّةُ (١٥١٨) - (إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ وَاسْتَثْنَى إقْرَارَهُ عَلَيْهِ يَجُوزُ، فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ (رَاجِعْ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْمَادَّةِ ١٤٥٦) وَإِذَا أَقَرَّ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ حَالٍ كَوْنِهِ غَيْرَ مَأْذُونٍ بِالْإِقْرَارِ يَنْعَزِلُ مِنْ الْوَكَالَةِ) . لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالْخُصُومَةِ وَاسْتَثْنَى إقْرَارَهُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ وَكِيلًا عَنْ الْمُدَّعِي أَوْ عَنْ الْمُدَّعَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute