مَاءِ الْبِئْرِ الْأُولَى بِسَبَبِ رَخَاوَةِ الْأَرْضِ فَيَزْدَادُ الْحَرِيمُ عَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْمُرَادُ بِالذِّرَاعِ سِتُّ قَبَضَاتٍ. وَيُسَمَّى هَذَا الذِّرَاعُ بِذِرَاعِ الْعَامَّةِ وَذِرَاعِ الْكِرْبَاسِ لِأَنَّ هَذَا الذِّرَاعَ أَقْصَرُ مِنْ ذِرَاعِ الْمِسَاحَةِ، وَالذِّرَاعُ مِنْ الْمِرْفَقِ إلَى الْأَنَامِلِ وَهُوَ ذِرَاعُ الْعَرَبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ قَيَّدَ شَرْحًا حَفْرَ الْبِئْرِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ عُنْوَانُ الْفَصْلِ لِأَنَّ الْبِئْرَ الَّتِي يَحْفِرُهَا أَحَدٌ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ لَا يَمْلِكُهَا حَافِرُهَا كَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهَا حَرِيمٌ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٢٨٠) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
قِيلَ شَرْحًا " فِي الْمَوَاتِ " وَعُنْوَانُ الْفَصْلِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَوْ حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ فَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْمِقْدَارَ الَّذِي يُرِيدُهُ حَرِيمًا فِي مِلْكِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ حَرِيمٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ مُطْلَقًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٢٩١) .
كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ مَحَلًّا لِحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ أَبَاحَ أَحَدٌ لِآخَرَ أَنْ يَحْفِرَ فِي مِلْكِهِ بِئْرًا فَلَا يَكُونُ لِهَذِهِ الْبِئْرِ حَرِيمٌ دُونَ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ، فَلِذَلِكَ لَوْ أَرَادَ حَافِرُ الْبِئْرِ تَنْظِيفَ بِئْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ إبْقَاءُ الْأَوْحَالِ فِي مِلْكِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْ الْبِئْرِ بِالْيَدِ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِالْبِئْرِ بِدُونِ الِاسْتِقَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
[ (الْمَادَّةُ ١٢٨٢) حَرِيمُ الْأَعْيُنِ]
الْمَادَّةُ (١٢٨٢) - (حَرِيمُ الْأَعْيُنِ أَيْ الْمَنَابِعِ الَّتِي يُسْتَخْرَجُ مَاؤُهَا مِنْ مَحَلٍّ وَتَجْرِي مِيَاهُهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ كُلِّ طَرَفٍ) حَرِيمُ الْأَعْيُنِ: أَيْ الْمَنَابِعِ الَّتِي يُسْتَخْرَجُ مَاؤُهَا مِنْ مَحَلٍّ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَتَجْرِي مِيَاهُهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ كُلِّ طَرَفٍ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «إنَّ حَرِيمَ الْأَعْيُنِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ» وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ بِخَمْسِمِائَةِ ذِرَاعٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السَّمَاعِ مِنْ الشَّارِعِ كَمَا أَنَّ الْأَعْيُنَ تُسْتَخْرَجُ لِإِسْقَاءِ الْمَزْرُوعَاتِ فَتَحْتَاجُ إلَى مَحَلٍّ لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهِ كَمَا تَحْتَاجُ لِبِنَاءِ حَوْضٍ لِجَمْعِ الْمَاءِ فِيهِ لِإِجْرَائِهِ لِلْمَزَارِعِ فَيَحْتَاجُ ذَلِكَ إلَى مَسَافَةٍ أَكْثَرَ (أَبُو السُّعُودِ وَالْهِدَايَةُ وَالطُّورِيُّ) .
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إنَّ تَقْدِيرَ الْحَرِيمِ لِلْمَنَابِعِ بِخَمْسِمِائَةِ ذِرَاعٍ هُوَ فِي حَالَةِ كِفَايَةِ هَذَا الْمِقْدَارِ بِسَبَبِ صَلَابَةِ الْأَرْضِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ رَخْوَةً وَيُمْكِنُ أَنْ يَسْتَخْرِجَ آخَرُ مَنْبَعًا خَارِجَ الْخَمْسِمِائَةِ ذِرَاعٍ بِسَبَبِ رَخَاوَةِ الْأَرْضِ وَتُحَوَّلُ مِيَاهُ الْمَنْبَعِ الْأَوَّلِ إلَيْهِ فَيَقْتَضِي تَزْيِيدَ الْحَرِيمِ حَتَّى لَا تَتَحَوَّلَ مِيَاهُ الْمَنْبَعِ الْأَوَّلِ لِلْمَنْبَعِ الثَّانِي فَلَا تَتَعَطَّلُ الْعَيْنُ الْأُولَى (الطُّورِيُّ) .
أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيُّ وَالْمَالِكِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَيُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فِي تَعْيِينِ مِقْدَارِ الْحَرِيمِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ " مِنْ كُلِّ طَرَفٍ " حَتَّى تَكُونَ جَوَانِبُ الْعَيْنِ الْأَرْبَعَةِ خَمْسَمِائَةِ ذِرَاعٍ وَحَتَّى لَا يُفْهَمَ أَنَّ حَرِيمَ كُلِّ طَرَفٍ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا فَإِذَا كَانَ لِلْعَيْنِ حَرِيمُ خَمْسَمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ جَوَانِبِهَا الْأَرْبَعَةِ فَمَجْمُوعُ ذَلِكَ أَلْفَا ذِرَاعٍ (أَبُو السُّعُودِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute