أَمَّا إذَا كَانَ بَدَلًا عَنْ مَالٍ حَصَلَ فِي يَدِهِ، فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الْإِعْسَارِ؛ لِأَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَا غِنَاهُ بِهِ فَدَعْوَاهُ الْإِعْسَارُ دَعْوَى زَوَالِ مَا فِي يَدِهِ وَهُوَ مَعْنًى حَادِثٌ فَلَا يُصَدَّقُ وَكَذَا إذَا الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ كَالْمَهْرِ الْمُعَجَّلِ لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْإِعْسَارِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ بِدَعْوَاهُ أَنْ يُسْقِطَ مَا الْتَزَمَهُ فَلَا يُقْبَلُ (الْجَوْهَرَةُ) لَكِنْ لَوْ أَقَامَ بَعْدَ الْحَبْسِ بَيِّنَةً عَلَى كَوْنِهِ لَا يُوجَدُ لَدَيْهِ مَالٌ مُطْلَقًا يُخَلَّى سَبِيلُهُ وَيُنْتَظَرُ وَقْتُ يُسْرِهِ وَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ إقَامَةَ بَيِّنَةٍ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ الْمَالِ لَدَيْهِ يُخَلَّى سَبِيلُهُ بَعْدَ حَبْسِهِ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، وَإِجْرَاءُ التَّدْقِيقَاتِ فِي حَقِّهِ وَعَدَمِ ظُهُورِ مَالٍ لَهُ وَإِلَّا فَلَا يُضْرَبُ الْمَحْبُوسُ وَلَا يُقَيَّدُ وَلَا يُؤَجَّرُ جَبْرًا عَنْهُ مِنْ أَحَدٍ وَلَا يُهَانُ أَمَامَ دَائِنِهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَهُ بَاقِي دَيْنَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] الطَّحْطَاوِيُّ ثُمَّ الْمَحْبُوسُ فِي الدَّيْنِ لَا يَخْرُجُ بِمَجِيءِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَا لِلْعِيدَيْنِ وَلَا لِلْجُمُعَةِ وَلَا لِصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ وَلَا فَرِيضَةِ الْحَجِّ وَلَا لِحُضُورِ جِنَازَةِ بَعْضِ أَهْلِهِ وَلَوْ أُعْطِيَ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ، وَقِيلَ يَخْرُجُ بِكَفِيلٍ لِجِنَازَةِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَالْأَوْلَادِ وَفِي غَيْرِهِمْ لَا يَخْرُجُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (الْجَوْهَرَةُ) وَبَعْدَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْحَبْسِ فَإِذَا كَانَ يَكْسِبُ مَالًا فَيَأْخُذَ الدَّائِنُونَ الزَّائِدَ عَنْ حَاجَتِهِ وَيَقْتَسِمُوهُ بَيْنَهُمْ وَإِذَا لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ يَأْخُذُهُ الْحَاكِمُ وَيَقْسِمُهُ بَيْنَ الدَّائِنِينَ. وَإِذَا أَقَامَ كُلٌّ مِنْ الْمَدِينِ وَالطَّالِبِ الْبَيِّنَةَ: الْمَدْيُونُ عَلَى إفْلَاسِهِ وَعُسْرِهِ، وَالطَّالِبُ عَلَى يَسَارِهِ ٠ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الطَّالِبِ وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهُ مَدَارَ الْيَسَارِ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي بَيِّنَةِ الْإِفْلَاسِ حُضُورُ الْمُدَّعِي فَإِذَا أَثْبَتَ الْمَدِينُ إفْلَاسَهُ فِي غِيَابِهِ يَخْرُجُ أَيْضًا مِنْ الْحَبْسِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الْإِفْلَاسِ تَكُونُ هَكَذَا: إنَّنَا نَشْهَدُ عَلَى أَنَّنَا نَعْلَمُ بِأَنَّ فُلَانًا مُفْلِسٌ مُعْدِمٌ وَلَا نَعْلَمُ بِأَنَّ لَهُ شَيْئًا غَيْرَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ وَلِبَاسِ اللَّيْلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) .
وَقَدْ خُصِّصَتْ الدُّيُونُ الَّتِي يَجُوزُ حَبْسُ الْمَدِينِ فِيهَا بِعِبَارَةِ (كُلِّ دُيُونِهِ.) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْبَسُ إذَا ادَّعَى الْفَقْرَ فِي عِوَضِ الْمَغْصُوبِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَمَا يُمَاثِلُ ذَلِكَ مِنْ الدُّيُونِ إلَّا إذَا أَثْبَتَ الطَّرَفُ الْآخَرُ غِنَاهُ؛ لِأَنَّ الْفَقْرَ هُوَ الْأَصْلُ فَمَنْ ادَّعَى الْغِنَى يَدَّعِي مَعْنًى حَادِثًا فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (الْجَوْهَرَةُ) وَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ مَحْجُورًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُرَجِّحَ بَعْضَ دَائِنِيهِ فَيُؤَدِّيَ إلَيْهِمْ دُيُونَهُمْ وَيَحْرِمَ الْبَعْضَ الْآخَرَ أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ إيثَارُ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِذِمَّتِهِ (أَبُو السُّعُودِ) . وَلَوْ كَانَ مَحْبُوسًا لِأَجْلِ الدَّيْنِ مَثَلًا لَوْ كَانَ أَحَدٌ مَدِينًا لِثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ، لِأَحَدِهِمَا خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ، وَلِلثَّانِي ثَلَاثُمِائَةِ قِرْشٍ، لِلثَّالِثِ مِائَتَانِ وَكَانَ مَالُهُ عِبَارَةً عَنْ خَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ فَقَطْ وَحَبَسَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثُ مَعًا مُتَّفِقِينَ هَذَا الْمَدِينَ، فَبِمَا أَنَّ لِلْمَدِينِ إذَا كَانَ حَاضِرًا أَنْ يُؤَدِّيَ دُيُونَهُ بِنَفْسِهِ فَلَهُ قَضَاءُ تَقْدِيمِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ؛ لِأَنَّ لِلْمَدِينِ حَقَّ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ الْخَاصِّ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ غَيْرِهِ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ عَلَى حَسَبِ مَشِيئَتِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَدِينُ غَائِبًا، وَالدُّيُونُ ثَابِتَةٌ عِنْدَ الْقَاضِي فَالْقَاضِي يُقَسِّمُ مَالَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ إذْ لَيْسَ لِلْقَاضِي تَقْدِيمُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الْحَجْرِ)
[ (الْمَادَّةُ ١٠٠٠) يُنْفَقُ عَلَى الْمَحْجُورِ الْمُفْلِسِ مِنْ مَالِهِ]
(الْمَادَّةُ ١٠٠٠) - (يُنْفَقُ عَلَى الْمَحْجُورِ الْمُفْلِسِ وَعَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ فِي مُدَّةِ الْحَجْرِ مِنْ مَالِهِ) كَزَوْجَةِ أَطْفَالِهِ وَذَوِي أَرْحَامِهِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَحَوَائِجُ الْمَدِينِ الْأَصْلِيَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى حُقُوقِ الْغُرَمَاءِ وَعَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute