للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَشَرْطُ كَوْنِ الْمَوْهُوبِ مَعْلُومًا بِالنَّظَرِ إلَى الْوَاهِبِ.

وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ حِصَّتَهُ فِي هَذَا الْمَعْلُومَةِ الْمِقْدَارِ عِنْدَهُ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَوْهُوبُ لَهُ حِصَّةَ الْوَاهِبِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةُ، لَكِنْ قَدْ جَاءَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ لَوْ قَالَ: وَهَبْتُ نَصِيبِي فِي هَذَا الْحِصَانِ، وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِقْدَارَ ذَلِكَ النَّصِيبِ فَلَا تَجُوزُ الْهِبَةُ لِجَهَالَةِ الْمَوْهُوبِ انْتَهَى بِتَغْيِيرٍ مَا.

وَأَمَّا إذَا قَالَ: لَك الْفَرَسُ الَّتِي تُرِيدُهَا مِنْ هَاتَيْنِ الْفَرَسَيْنِ وَعَيَّنَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ أَحَدَهُمَا صَحَّتْ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْوَاهِبِ: فَهِيَ لَك قَدْ، وَهَبْتُك إيَّاهَا فَهِيَ لَك، أَيْ أَنَّهُ إيجَابٌ بِطَرِيقِ اقْتِضَاءٍ كَمَا أَنَّ تَعْيِينَ وَقَبْضَ الْمَوْهُوبِ لَهُ هُوَ قَبُولٌ حَسْبَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٨٤١) .

وَالسَّبَبُ فِي كَوْنِ الْجَهَالَةِ غَيْرَ مَانِعَةٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ هُوَ زَوَالُ سَبَبِ الْفَسَادِ قَبْلَ تَأَكُّدِ الْفَسَادِ بِتَفَرُّقِ الْمَجْلِسِ وَبِذَلِكَ تَعُودُ الصِّحَّةُ الْمَمْنُوعَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٤) ؛ لِأَنَّ ارْتِفَاعَ الْجَهَالَةِ فِي الْمَجْلِسِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيَانِ وَقْتَ الْعَقْدِ (الْخَانِيَّةُ فِي أَوَائِلِ الْهِبَةِ) .

أَمَّا التَّعْيِينُ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ مِنْ مَجْلِسِ الْهِبَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ يَعْنِي لَوْ قَالَ الْوَاهِبُ: أَيُّمَا أَرَدْت مِنْ هَذَيْنِ الْمَالَيْنِ فَهُوَ لَك، وَلَمْ يُعَيِّنْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ وَقَبَضَهُ وَعَيَّنَهُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَلَا يُفِيدُ التَّعْيِينُ الْوَاقِعُ إزَالَةَ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ تَأَكَّدَ بِمُلَابَسَةِ التَّفَرُّقِ عَنْ الْمَجْلِسِ فَلَا يَنْقَلِبُ بِالتَّعْيِينِ إلَى الصِّحَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْبَيَانِ لَا يَجُوزُ لِتَقَرُّرِ الْجَهَالَةِ (الْخَانِيَّةُ أَوَائِلُ الْهِبَةِ) .

وَلُزُومُ كَوْنِ الْمَوْهُوبِ مَعْلُومًا وَمُعَيَّنًا فِيمَا إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ عَيْنًا كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ أَثْنَاءَ الشَّرْحِ أَمَّا إذَا كَانَ دَيْنًا فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا وَمُعَيَّنًا، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الْمَوْهُوبُ مَعْلُومًا فِي الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ إسْقَاطٌ وَالْجَهَالَةُ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِسْقَاطِ وَيَعُودُ بَيَانُ الْمَجْهُولِ إلَى الْمُسْقِطِ (الْخَانِيَّةُ فِي أَوَائِلِ الْهِبَةِ) . مَثَلًا إذَا كَانَ لِأَحَدٍ عَلَى آخَرَ أَلْفُ قِرْشٍ مِنْ جِهَةِ قَرْضٍ وَأَلْفٌ أُخْرَى مِنْ جِهَةِ بَدَلٍ إجَارَةٍ وَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ: وَهَبْتُك أَلْفًا مِنْ الْأَلْفَيْ قِرْشٍ الْمَذْكُورَيْنِ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَيَعُودُ تَعْيِينُ أَيِّهِمَا عَلَى الْوَاهِبِ إذَا كَانَ حَيًّا وَعَلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ إبْرَاءٌ وَالْجَهَالَةُ فِي الْإِبْرَاءِ لَا تُخِلُّ بِصِحَّتِهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .

[لَاحِقَةٌ فِي الْمَوْهُوبِ تَحْتَوِي عَلَى مَبْحَثَيْنِ]

[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي حَقِّ الشُّرُوطِ الْبَاقِيَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَوْهُوبِ]

بِمَا أَنَّ بَعْضَ التَّصَرُّفَاتِ فِي الْمُشَاعِ صَحِيحَةٌ وَبَعْضَهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَيُعَدُّ تَعْدَادُ ذَلِكَ إجْمَالًا (سَنَذْكُرُ بَعْضَ الْإِيضَاحَاتِ فِي هِبَةِ الْمُشَاعِ) .

١ - الْبَيْعُ، يَجُوزُ بَيْعُ الْمُشَاعِ لِلْمُشَارِكِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (٢١٤ و ٢١٥) سَوَاءٌ أَكَانَ قَابِلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>