للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَوْبَةُ ذَلِكَ الشَّاهِدِ فَفِي تِلْكَ الصُّورَةِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الْحَوَادِثِ الْأُخْرَى (ابْنُ نُجَيْمٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى: ٢٥] .

حُكْمُ الْجَرْحِ الْمُرَكَّبِ: إذَا بَيَّنَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ هَذَا الْقِسْمَ مِنْ الْجَرْحِ وَأَثْبَتَهُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ، أَمَّا إذَا لَمْ يُثْبِتْ فَفِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ وَهِيَ الْجَرْحُ الَّذِي يَتَضَمَّنُ حَقَّ الْعَبْدِ يَتَوَجَّهُ عَلَى الشُّهُودِ الْيَمِينُ، مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قَائِلًا: قَدْ أَدَّيْتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الشُّهُودِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ كَيْ لَا يَشْهَدُوا كَذِبًا وَحَيْثُ قَدْ شَهِدُوا فَاطْلُبْ مِنْهُمْ أَنْ يُعِيدُوا لِي الْخَمْسَةَ دَنَانِيرَ أَوْ مِثْلَهَا فَإِذَا أَقَرَّ الشُّهُودُ بِذَلِكَ فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ، وَإِذَا أَنْكَرُوا تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَإِذَا أَثْبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ وَصَارَ تَعْدِيلُ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ وَتَزْكِيَتُهَا فَتُرَدُّ شَهَادَةُ أُولَئِكَ الشُّهُودِ وَيُسْتَرَدُّ الْمَبْلَغُ مِنْهُمْ وَعَلَى ذَلِكَ فَقَبُولُ بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ الشَّهَادَةِ لَا يُوجِبَ أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ شُهُودَ زُورٍ حَتَّى أَنَّهُ لَا تُعَزَّرُ الشُّهُودُ (أَبُو السُّعُودِ قُبَيْلَ كِتَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَاتِ) .

وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ يَحْلِفُ الشُّهُودُ بِالطَّلَبِ عَلَى عَدَمِ أَخْذِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَإِذَا نَكَلُوا عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ فَيُحْكَمُ بِاسْتِرْدَادِ الْمَبْلَغِ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ وَإِذَا حَلَفُوا الْيَمِينَ فَيُرَدُّ طَعْنُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الشُّهُودِ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

[ (الْمَادَّةُ ١٧٢٥) إذَا جَرَّحَ بَعْضُ الْمُزَكِّينَ الشُّهُودَ وَعَدَّلَهُمْ بَعْضُهُمْ]

الْمَادَّةُ (١٧٢٥) - (إذَا جَرَّحَ بَعْضُ الْمُزَكِّينَ الشُّهُودَ وَعَدَّلَهُمْ بَعْضُهُمْ فَيُرَجَّحُ طَرَفُ الْجَرْحِ وَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ) .

إذَا جَرَّحَ بَعْضُ الْمُزَكِّينَ الشُّهُودَ وَعَدَلَهُمْ بَعْضُهُمْ يُرَجَّحُ فِي مَسْأَلَتَيْنِ طَرَفُ الْجَرْحِ فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٦) سَوَاءٌ أَكَانَ الْجَرْحُ مُجَرَّدًا أَوْ مُرَكَّبًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، إلَّا أَنَّ تَفَهُّمَ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى فَهْمِ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ:

١ - إذَا كَانَ الْجَارِحُ وَاحِدًا وَالْمُعَدِّلُ وَاحِدًا يُرَجَّحُ طَرَفُ الْجَرْحِ.

٢ - إذَا عَدَّلَ اثْنَانِ وَجَرَّحَ اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ فَيُرَجَّحُ أَيْضًا جِهَةُ الْجَرْحِ؛ لِأَنَّ عَدَدَ الِاثْنَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةِ فِي الشَّهَادَةِ وَاحِدٌ فَلِذَلِكَ كَانَ الْجَارِحُ وَالْمُعَدِّلُ مُتَسَاوِيًا فَتُرَجَّحُ جِهَةُ الْجَرْحِ؛ لِأَنَّ الْمُعَدِّلَ قَدْ عَدَّلَ بِنَظَرِهِ إلَى ظَاهِرِ الْحَالِ، أَمَّا الْجَارِحُ فَقَدْ جَرَّحَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَاطِنِ الْحَالِ وَلَمْ يَقِفْ الْمُعَدِّلُ عَلَى بَاطِنِ الْأَحْوَالِ، فَلِذَلِكَ يَكُونُ الْجَارِحُونَ قَدْ أَثْبَتُوا الْأَمْرَ الَّذِي لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ الْمُعَدِّلُونَ، وَالشَّهَادَةُ إنَّمَا شُرِّعَتْ لِلْإِثْبَاتِ (الشِّبْلِيُّ) أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ رُجِّحَ طَرَفُ التَّعْدِيلِ.

٣ - إذَا جَرَّحَ مُزَكٍّ وَاحِدٍ وَعَدَّلَ مُزَكِّيَانِ فَتُرَجَّحُ جِهَةُ التَّعْدِيلِ؛ لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ حُجَّةٌ كَامِلَةٌ وَيُحْكَمُ بِهَا فِي الدَّعْوَى وَلَا تُفْصَلُ الدَّعْوَى بِوَاحِدٍ فَكَانَ الِاثْنَانِ أَوْلَى (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي وَالْبَهْجَةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) .

قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ أَنَّ الْجَرْحَ الْعَلَنِيَّ إذَا كَانَ مُجَرَّدًا لَا يُقْبَلُ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>