[الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي بَيَانِ الْمُهَايَأَةِ]
بَعْدَ أَنْ فَرَغَتْ الْمَجَلَّةُ مِنْ بَيَانِ أَحْكَامِ قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ بَادَرَتْ إلَى بَيَانِ تَقْسِيمِ الْأَعْرَاضِ وَهِيَ الْمَنَافِعُ وَأَخَّرَتْ ذِكْرَهَا عَنْ الْأَعْيَانِ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ أَصْلٌ وَالْمَنَافِعَ فَرْعٌ " نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ ".
الْمُهَايَأَةُ، وَتَجُوزُ قِرَاءَتُهَا الْمُهَايَأَةُ بِتَبْدِيلِ الْهَمْزَةِ أَلِفًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
يَلْزَمُ عِلْمُ سَبْعَةِ أَشْيَاءَ فِي الْمُهَايَأَةِ وَهِيَ:
دَلِيلُهَا وَتَعْرِيفُهَا وَشَرْطُهَا وَصِفَتُهَا وَحُكْمُهَا وَمَحِلُّهَا وَتَقْسِيمُهَا.
دَلِيلُهَا - الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَالْمَعْقُولُ، أَيْ أَنَّهُ ثَبَتَ جَوَازُ الْمُهَايَأَةِ بِهَذِهِ الْأَدِلَّةِ (الدُّرَرُ والشُّرُنْبُلاليُّ وَنَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) . إلَّا أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِلْقِيَاسِ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ تَتَضَمَّنُ مُبَادَلَةَ مَنْفَعَةٍ بِمَنْفَعَةٍ مِنْ عَيْنِ جِنْسِهَا فَيَجِبُ أَنْ لَا تَجُوزَ كَمَا وَضَحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٤٦٣) لِأَنَّ كُلَّ شَرِيكٍ فِي نَوْبَةِ انْتِفَاعِهِ يَنْتَفِعُ بِمِلْكِ شَرِيكِهِ وَانْتِفَاعُهُ هَذَا عِوَضٌ عَنْ انْتِفَاعِ شَرِيكِهِ الْآخَرِ بِمِلْكِهِ (الْعِنَايَةُ) .
الْكِتَابُ - {لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشعراء: ١٥٥] الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ أَيْ أَنَّ الِانْتِفَاعَ بَيْنَ قَوْمِ صَالِحٍ وَبَيْنَ النَّاقَةِ بِالْمُنَاوَبَةِ، وَإِذَا لَمْ تُنْسَخْ شَرِيعَةُ الْأَوَّلِينَ فَهِيَ شَرِيعَةٌ لَنَا.
السُّنَّةُ - إنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَسَّمَ كُلَّ بَعِيرٍ لِثَلَاثَةِ رِجَالٍ فَرَكِبُوا الْجِمَالَ بِالْمُهَايَأَةِ وَالْمُنَاوَبَةِ (أَبُو السُّعُود) .
(إجْمَاعُ الْأُمَّةِ) قَدْ أَجْمَعَتْ الْأَئِمَّةُ عَلَى جَوَازِ الْمُهَايَأَةِ.
(الْمَعْقُولُ) إذَا لَمْ تَجُزْ الْمُهَايَأَةُ يَلْزَمُ تَعْطِيلُ بَعْضِ الْأَمْوَالِ الَّتِي خُلِقَتْ لِنَفْعِ الْبَشَرِ أَيْ الْأَمْوَالِ الْغَيْرِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ وَإِسْقَاطُهَا مِنْ الِانْتِفَاعِ لِأَنَّهُ لَا يَتَّفِقُ الشُّرَكَاءُ عَلَى الِانْتِفَاعِ بَعْضًا فَيَكُونُ ذَلِكَ نَسْخًا لِلْآيَةِ الْكَرِيمَةِ {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: ٢٩] : (الطُّورِيُّ وَالْبَهْجَةُ) .
(تَعْرِيفُهَا) قَدْ وَرَدَّ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ.
(شَرْطُهَا) إمْكَانُ الِانْتِفَاعِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١١٧٥) .
(صِفَتُهَا) إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُهَايَأَةَ وَلَمْ يَطْلُبْ الْآخَرُ الْقِسْمَةَ وَامْتَنَعَ عَنْ الْمُهَايَأَةِ أَيْضًا تَجِبُ الْمُهَايَأَةُ.
(حُكْمُهَا) عِبَارَةٌ عَنْ الْإِفْرَازِ تَارَةً وَعَنْ الْمُبَادَلَةِ تَارَةً أُخْرَى (الطُّورِيُّ) . اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (١١٧٨ و ١١٧٩) .