للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّتِي اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ.

عَلَيْهَا خَمْسِينَ كِيلَةً فِعْلِيَّةً لَا تَجُوزُ الْمُخَالَفَةُ بِصُورَةِ الزِّيَادَةِ فَإِذَا وَقَعَتْ الْمُخَالَفَةُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَ الْحِمْلِ الَّذِي حُمِلَ عَلَيْهَا ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ بِنِسْبَةِ الزَّائِدِ عَنْ الْحِمْلِ الْمُسَمَّى وَعَلَيْهِ لَوْ حَمَّلَ سِتَّ كِيلَاتٍ حِنْطَةٍ عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَعَارَهَا عَلَى أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا خَمْسَ كِيلَاتٍ فَقَطْ وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ وَكَانَتْ تُطِيقُ حَمْلَ السِّتِّ الْكِيلَاتِ فَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ سُدُسَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَوْزِيعَ الضَّمَانِ عَلَى الْمِقْدَارِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَالْمِقْدَارِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَيَسْقُطُ الضَّمَانُ عَنْ الْمِقْدَارِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَإِذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ الْحِمْلَ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ كُلَّ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ قَدْ اسْتَهْلَكَ تِلْكَ الدَّابَّةَ.

وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْإِجَارَةِ قَدْ مَرَّتْ تَفْصِيلَاتُهَا اللَّازِمَةُ فِي الْمَادَّةِ (٥٥٩) وَشَرْحُهَا لِلْأَقْسَامِ الْأُخْرَى فِي الْمُخَالَفَةِ: الْمُخَالَفَةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ فِي الْمِثْلِ وَالْقَدْرِ مَعًا أَوْ تَكُونَ فِي الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ مَعًا إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ الصُّورَتَيْنِ دَاخِلٌ فِي الثَّالِثِ كَمَا أَنَّ الثَّانِيَ مِنْهُ دَاخِلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ عَدُّهَا أَقْسَامًا أُخْرَى.

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: تَدْخُلُ فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ مِمَّا مَرَّ فَلِذَلِكَ لَمْ يَبْقَ حَاجَةٌ لَأَنْ يُعَدَّ أَقْسَامٌ أُخْرَى. فَلَوْ طَحَنَ إحْدَى عَشْرَةَ كِيلَةً عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَعَارَهَا عَلَى أَنْ يَطْحَنَ عَلَيْهَا عَشْرَ كِيلَاتٍ أَيْ أَنْ يَدُورَ عَلَيْهَا الطَّحْنُ وَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ كَانَ ضَامِنًا جَمِيعَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَحَنَ عَشْرَ كِيلَاتٍ انْتَهَى إذَنْ الْمُعِيرُ وَالِاسْتِعْمَالُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي طَحْنِ الْكِيلَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَ بِلَا إذْنِ الْمَالِك. وَبِنَاءً عَلَيْهِ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ غَاصِبًا لَكِنَّ الْحِمْلَ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحِمْلَ يَقَعُ دَفْعَةً وَاحِدَةً. وَعَلَيْهِ يَقْتَضِي ضَمَانَ جَمِيعِ الْقِيمَةِ فِي الطَّحْنِ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْحِمْلِ الضَّمَانُ أَحْيَانًا بِمِقْدَارِ الزِّيَادَةِ.

[ (الْمَادَّةُ ٨١٩) أَطْلَقَ الْمُعِيرُ الْإِعَارَةَ بِحَيْثُ لَمْ يُعَيِّن الْمُنْتَفِعَ]

(الْمَادَّةُ ٨١٩) :

إذَا كَانَ الْمُعِيرُ أَطْلَقَ الْإِعَارَةَ بِحَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُنْتَفِعَ كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعَارِيَّةَ عَلَى إطْلَاقِهَا يَعْنِي إنْ شَاءَ اسْتَعْمَلَهَا بِنَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ أَعَارَهَا لِغَيْرِهِ لِيَسْتَعْمِلَهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَالْحُجْرَةِ أَمْ كَانَتْ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَدَابَّةِ الرُّكُوبِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: أَعَرْتُك حُجْرَتِي، فَالْمُسْتَعِيرُ لَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا بِنَفْسِهِ وَأَنْ يُسْكِنَهَا غَيْرَهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعَرْتُك هَذَا الْفَرَسَ كَانَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْكَبَهُ بِنَفْسِهِ وَأَنْ يُرْكِبَهُ غَيْرَهُ.

وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ يُفَسَّرُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَقَدْ فَسَّرْتُ عِبَارَةَ أَطْلَقَ الْإِعَارَةَ بِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمُنْتَفِعِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ وَرَدَتْ فِي الْمَادَّةِ (٨١٦) عِبَارَةُ الْإِطْلَاقِ إلَّا أَنَّ الْإِطْلَاقَ هُنَاكَ بِمَعْنًى آخَرَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ إطْلَاقَانِ: أَوَّلُهُمَا - الْإِطْلَاقُ الَّذِي فِي عِبَارَةِ (إذَا كَانَ الْمُعِيرُ أَطْلَقَ الْإِعَارَةَ) . وَمَعْنَى هَذَا الْإِطْلَاقِ يُوَضَّحُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي.

الْمُعَارُ نَوْعَانِ:

النَّوْعُ الْأَوَّلُ: مَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَالدَّارِ.

النَّوْعُ الثَّانِي: الْمُعَارُ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>