يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ كَالثِّيَابِ وَالْفَرَسِ لِلرُّكُوبِ وَيُوجَدُ فِي الْإِطْلَاقِ أَيْ الْإِطْلَاقِ الْوَارِدِ فِي عِبَارَةِ (إذَا كَانَ الْمُعِيرُ أَطْلَقَ) الْوَارِدَةِ فِي الْمَجَلَّةِ احْتِمَالَانِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْعِبَارَةِ الْأُولَى الِاحْتِمَالُ حَتْمًا الْأَوَّلُ النَّصُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ يَعْنِي كَأَنْ يَقُولَ الْمُعِيرُ: أَعَرْتُك هَذِهِ الدَّابَّةَ عَلَى أَنْ تُرْكِبَهَا مَنْ شِئْت. فَعَلَى تَقْدِيرِ نَصِّ الْمُعِيرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ. عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُعَارُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ.
وَالْإِطْلَاقُ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى أَيْ بِمَعْنَى النَّصِّ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَيْضًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٥٢٢) .
الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - هُوَ الْإِطْلَاقُ الشَّامِلُ لِلسُّكُوتِ يَعْنِي لَوْ قَالَ الْمُعِيرُ: أَعَرْتُك حَيَوَانِي هَذَا سَوَاءٌ أَقَالَ: لَكَ إرْكَابُهُ مَنْ شِئْت أَمْ لَمْ يَقُلْ، أَيْ وَلَوْ لَمْ يَضُمَّ هَذَا التَّعْبِيرَ عَلَى كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَعَلَى مَعْنَى الْإِطْلَاقِ فِي الِاحْتِمَالِ الثَّانِي لَا اشْتِبَاهَ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ إعَارَةُ الْمُسْتَعَارِ لِآخَرَ أَمَّا فِي النَّوْعِ الثَّانِي فَقَدْ حَصَلَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ الْإِعَارَةِ لِلْغَيْرِ فَقَالَ الزَّيْلَعِيّ بِعَدَمِ جَوَازِ إعَارَتِهِ وَذَلِكَ حَيْثُ يَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ هَذَا الْإِطْلَاقِ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا فِيمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ كَاللُّبْسِ وَالزِّرَاعَةِ عَلَى مَا إذَا قَالَ: عَلَى أَنْ أُرْكِبَ عَلَيْهَا مَنْ أَشَاءُ كَمَا حُمِلَ الْإِطْلَاقُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى هَذَا بِخِلَافِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ فَقَدْ ذَهَبَ إلَى أَمَاكِنَ إعَارَتِهِ وَقَالَ (لَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا لَهُ أَنْ يَحْمِلَ وَيُعِيرَ غَيْرَهُ. .. إلَخْ) .
وَكَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ مِثَالِ الْمَجَلَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَلْتَفِتْ إلَى مَا بَيَّنَهُ الزَّيْلَعِيّ وَقَدْ أَخَذَتْ بِمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْهِدَايَةُ.
وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ إيجَادُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ يَلْزَمُ النَّصُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِذَا لَمْ يُعَيَّنْ الرَّاكِبُ كَمَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٥٥٢) . أَمَّا فِي الْإِعَارَةِ فَيَكْفِي السُّكُوتُ وَالْفَرْقُ فِي هَذَا الْبَابِ يَظْهَرُ لَك بِمُرَاجَعَةِ الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٤٠٨) .
الثَّانِي - وَيُفَسَّرُ الْإِطْلَاقُ الْوَارِدُ فِي جُمْلَةِ " لِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِعْمَالُهَا عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ فِي التَّفْسِيرِ " الْآتِي يَعْنِي لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ بِنَفْسِهِ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَ غَيْرَهُ يَنْتَفِعُ بِهِ بِإِعَارَتِهِ لَهُ دُونَ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ لَمَّا كَانَتْ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (٨١٢) عِبَارَةً عَنْ تَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ فَتَجُوزُ إعَارَةُ الْمُسْتَعِيرِ الْمُسْتَعَارَ؛ لِأَنَّ لِلْمَالِكِ أَنْ يُمَلِّكَ غَيْرَهُ مَا يَمْلِكُهُ كَمَا يَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْإِيجَارَ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٥٨٧) الْبَحْرُ.
جَاءَ فِي الْمَجَلَّةِ (إنْ شَاءَ. . وَإِنْ شَاءَ. .) فَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ اخْتِيَارُ إحْدَى تِلْكَ الْمَنْفَعَتَيْنِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ الْمُسْتَعِيرُ فِي الْعَارِيَّةِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَنْفَعَتَيْنِ وَقَدْ أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ بِقَيْدِ (فَقَطْ) .
بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ فَرَكِبَهَا هُوَ وَأَرْكَبَهَا غَيْرَهُ أَيْضًا يَعْنِي أَرْدَفَهُ خَلْفَهُ وَتَلِفَتْ فَإِذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ قَادِرَةً عَلَى حَمْلِ الِاثْنَيْنِ مَعًا ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَاصِلٌ مِنْ رُكُوبِ الِاثْنَيْنِ وَبِمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا مَأْذُونٌ فِيهِ فَالْمِقْدَارُ الَّذِي يُصِيبُهُ هَدَرٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute