للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ (مَادَّةُ ٩٨٢) إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ غَيْرَ رَشِيدٍ]

(مَادَّةُ ٩٨٢) - (إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ غَيْرَ رَشِيدٍ لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ أَمْوَالُهُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ رُشْدُهُ وَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ كَمَا فِي السَّابِقِ)

لَا يُسَلَّمُ الصَّبِيُّ أَمْوَالَهُ إذَا بَلَغَ سَفِيهًا بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَجَرَ بَعْدُ، يَعْنِي إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ غَيْرَ رَشِيدٍ لَمْ تُدْفَعْ إلَيْهِ أَمْوَالُهُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ رُشْدُهُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَوْ أَكْمَلَ الْخَامِسَةَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ عُمُرِهِ وَيَكُونُ مُسْتَحِقًّا لِلْحَجْرِ، وَعَلَيْهِ فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ كَمَا فِي السَّابِقِ، يَعْنِي إذَا بَلَغَ سَفِيهًا وَغَيْرَ رَشِيدٍ فَلَا تُعْطَى إلَيْهِ أَمْوَالُهُ، سَوَاءٌ أَحَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ أَمْ لَمْ يَحْجُرْ (الْخَانِيَّةُ) وَذَلِكَ كَمَا قَدْ مَرَّ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ.

وَالْوَاقِعُ أَنَّ الَّذِي يَبْلُغُ غَيْرَ رَشِيدٍ لَا يَبْلُغُ مَحْجُورًا عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ. وَيَقْتَضِي حَجْرَهُ مُسْتَأْنَفًا وَتَكُونُ تَصَرُّفَاتُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْحَجْرِ نَافِذَةً. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ يَبْلُغُ مَحْجُورًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى حَجْرٍ آخَرَ، عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ اُتُّفِقَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ إعْطَائِهِ مَالَهُ (الشِّبْلِيُّ، الطَّحْطَاوِيُّ) فَلَوْ بَاعَ قَبْلَ حَجْرِ الْقَاضِي جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَعْطَى الْوَصِيُّ الْيَتِيمَ الَّذِي تَحْتَ حَجْرِهِ مَالَهُ بِطَلَبِهِ سَوَاءٌ أَحَجَرَهُ الْحَاكِمُ لِبُلُوغِهِ سَفِيهًا وَغَيْرَ رَشِيدٍ أَمْ لَمْ يَحْجُرْهُ فَأَضَاعَهُ، ضَمِنَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلتَّصَرُّفِ بَلْ لَوْ كَانَ وَدِيعَةً لِلْمُحَافَظَةِ يَضْمَنُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ إعْطَاءَ الْوَصِيِّ ذَلِكَ الْيَتِيمَ مَالَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ يُعَدُّ تَضْيِيعًا لِلْمَالِ (الْخَانِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) .

وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ (يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ) بَدَلًا مِنْ أَنْ تَقُولَ (لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ) مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَمَعْنَى (يُمْنَعُ) أَيْ يُمْنَعُ حَجْرًا، فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَوْ بَاعَ مَالَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ أَيْ الْمَنْعِ يَنْفُذُ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ أَيْضًا، وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ بَاعَ الصَّغِيرُ قَبْلَ حَجْرِ الْقَاضِي فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَصُرَّةُ الْفَتَاوَى) لَكِنَّ الْأَظْهَرَ تَرْكُ عِبَارَةِ كَمَا فِي السَّابِقِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ السَّابِقَ عَلَى الْأَصْلِيِّ، أَمَّا الْمَنْعُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى حَجْرِ الْحَاكِمِ.

وَأَمَّا مَذْهَبُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَهُوَ إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ سَفِيهًا فَلَا يُعْطَى إلَيْهِ مَالُهُ مَا لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ الْخَامِسَةِ وَالْعِشْرِينَ. وَعَدَمُ الْإِعْطَاءِ هَذَا لَيْسَ بِحَجْرٍ (لِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يُجَوِّزُ الْحَجْرَ) وَإِنَّمَا هُوَ لِلتَّأْدِيبِ، وَعَلَيْهِ فَتَصَرُّفَاتُ السَّفِيهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْحَجْرِ صَحِيحَةٌ (التَّنْقِيحُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ)

سُؤَالٌ

(١) - بِمَا أَنَّ السَّفِيهَ مَمْنُوعٌ مِنْ قَبْضِ الْأَمْوَالِ الَّتِي هِيَ فِي يَدِ الْوَصِيِّ بِمُقْتَضَى هَذِهِ الْمَادَّةِ فَيَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَنْ لَا يَكُونَ تَصَرُّفُهُ صَحِيحًا؟

الْجَوَابُ - إنَّ الْمَنْعَ عَنْ الْقَبْضِ لَا يَسْتَلْزِمُ امْتِنَاعَ التَّصَرُّفِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبِيعَ الْمَبِيعَ مِنْ آخَرَ إذَا كَانَ عَقَارًا مَعَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ قَبْضِهِ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٥٣) (الْجَوْهَرَةُ بِتَغْيِيرٍ) وَعَلَيْهِ فَيَصِحُّ تَصَرُّفُ غَيْرِ الرَّشِيدِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الْخَامِسَةِ وَالْعِشْرِينَ بَيْعًا وَشِرَاءً. حَتَّى إنَّهُ لَوْ بَاعَ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَيَأْمُرُ الْقَاضِي الْوَصِيَّ بِتَسْلِيمِ ذَلِكَ الْمَالِ لِلْمُشْتَرِي. وَإِذَا اشْتَرَى مَالًا جَازَ، وَيَأْمُرُ الْحَاكِمُ الْوَصِيَّ بِدَفْعِ ثَمَنِهِ (أَبُو السُّعُودِ) .

٣ -

<<  <  ج: ص:  >  >>