حُكْمِ الْإِجَارَةِ غَيْرُ نِصْفِ الْأُجْرَةِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٦٥٤) وَإِذَا اسْتَعْمَلَهَا زِيَادَةً عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَهَلَكَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِهِ ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ غَصْبٌ وَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ لِلْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَعْمَلَ فِيهَا الْمَأْجُورَ زِيَادَةً عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ.
عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ أَتْلَفَ الْمَأْجُورَ أَوْ لَمْ يُتْلِفْ فَعَدَمُ لُزُومِ الْأُجْرَةِ فِي حَالِ التَّلَفِ لِكَوْنِ الْأُجْرَةِ وَالضَّمَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ وَعَدَمُ لُزُومِهَا فِي حَالِ عَدَمِ التَّلَفِ لِكَوْنِ الْمَنَافِعِ لَا تُضْمَنُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٨٦)) وَذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ الدَّابَّةُ الْمَأْجُورَةُ مِنْ قَبِيلِ مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٥٩٦) (الْأَنْقِرْوِيّ بِزِيَادَةٍ) .
وَهَذِهِ الْمَادَّةُ فَرْعٌ لِلْمَادَّتَيْنِ (٥٩١ وَ ٥٩٢) .
ثَانِيًا: إذَا اسْتَأْجَرَ ثَوْرًا لِفَلْحِ ثَمَانِيَةِ دُونَمَاتٍ مِنْ مَزْرَعَةٍ فِي الْيَوْمِ وَفَلَحَ عَلَيْهِ اثْنَيْ عَشَرَ دُونَمًا وَهَلَكَ الثَّوْرُ؛ لَزِمَتْهُ جَمِيعُ قِيمَتِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ أُجْرَتِهِ (الْبَزَّازِيَّةُ) .
ثَالِثًا: إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ ثَوْرًا لِطَحْنِ عَشْرِ كَيْلَاتٍ حِنْطَةٍ فَطَحَنَ عَلَيْهِ إحْدَى عَشَرَةَ كَيْلَةً فَتَلِفَ الثَّوْرُ عِنْدَ خِتَامِ الْكَيْلَةِ الْعَاشِرَةِ وَهُوَ يَطْحَنُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ ضَمِنَ كُلَّ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الطَّحْنَ يَكُونُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَلَمَّا طَحَنَ عَشَرَةً انْتَهَى الْعَقْدُ فَبَعْدَ ذَلِكَ هُوَ فِي طَحْنِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ مُخَالِفٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ مُخَالَفَةِ الْقَدْرِ الْمَذْكُورَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٥٥٩) ؛ لِأَنَّ لَمَّا كَانَ الْحَمْلُ يَقَعُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَبَعْضُ الْحِمْلِ قَدْ أُذِنَ بِحَمْلِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيمَا هُوَ مَأْذُونٌ بِهِ أَمَّا الَّذِي لَمْ يُؤْذَنْ بِحَمْلِهِ فَيَضْمَنُهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ) .
[ (الْمَادَّةُ ٥٤٩) اسْتِكْرَاءُ دَابَّةٍ عَلَى أَنْ يُرْكِبَهَا الْمُسْتَأْجِرُ مَنْ شَاءَ]
(الْمَادَّةُ ٥٤٩) كَمَا يَصِحُّ اسْتِكْرَاءُ دَابَّةٍ عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا فُلَانٌ كَذَلِكَ يَصِحُّ اسْتِكْرَاءُ دَابَّةٍ عَلَى أَنْ يُرْكِبَهَا الْمُسْتَأْجِرُ مَنْ شَاءَ عَلَى التَّعْمِيمِ أَيْضًا.
أَيْ أَنَّهُ كَمَا يَصِحُّ اسْتِكْرَاءُ دَابَّةٍ عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا فُلَانٌ بِالتَّخْصِيصِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ كَذَلِكَ يَصِحُّ اسْتِكْرَاءُ دَابَّةٍ عَلَى أَنْ يُرْكِبَهَا الْمُسْتَأْجِرُ مَنْ شَاءَ عَلَى التَّعْمِيمِ أَيْضًا.
(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٤٥٣) .
وَفِيمَا يَلِي إيضَاحٌ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ:
لِاسْتِئْجَارِ الدَّابَّةِ أَرْبَعُ صُوَرٍ: (١) .
أَنْ يَسْتَأْجِرَ دَابَّةً بِدُونِ بَيَانِ كَوْنِهَا لِأَيٍّ اُسْتُؤْجِرَتْ.
(٢) أَوْ يُبَيِّنَ أَنَّهَا لِلرُّكُوبِ مُطْلَقًا.
(٣) أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهَا لِرُكُوبِ فُلَانٍ.
(٤) أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فِي إرْكَابِهَا مَنْ شَاءَ عَلَى وَجْهِ التَّعْمِيمِ.
فَالْإِجَارَةُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ الرُّكُوبَ مُخْتَلِفٌ اخْتِلَافًا فَاحِشًا (الطُّورِيُّ) فَصَارَ الرُّكُوبَانِ مِنْ شَخْصَيْنِ كَالْجِنْسَيْنِ فَيَكُونُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَجْهُولًا فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ (شَلَبَيّ) كَمَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (٥٥٣) .