وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَسْكُنَ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ سَوَاءٌ أَكَانَ شَرِيكُهُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا. إذْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الِاسْتِئْذَانُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَسْكُنَ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ.
ثَانِيًا: إذَا تَسَبَّبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِتَعْطِيلِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ، فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الثَّانِي أُجْرَةٌ.
ثَالِثًا: إذَا آجَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ شَرِيكِهِ سَنَةً وَسَكَنَهَا الْمُسْتَأْجِرُ سَنَتَيْنِ، فَلَا تَلْزَمُ أُجْرَةٌ لِلسَّنَةِ الثَّانِيَةِ. وَحُكْمُ الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي يَخْلُفُ الشَّرِيكَ فَهُوَ كَالشَّرِيكِ أَيْضًا وَيُسْتَفَادُ مِنْ الْمِثَالِ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِاسْتِعْمَالِ الشَّرِيكِ بِالذَّاتِ، وَلَا دَخْلَ لِإِيجَارِهِ مِنْ آخَرَ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ وَأَجَرَهُ كُلَّهُ مِنْ آخَرَ وَأَخَذَ أُجْرَتَهُ لَزِمَهُ رَدُّ أُجْرَةِ شَرِيكِهِ إلَيْهِ. مَثَلًا لَوْ آجَرَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْحَمَّامَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثَهُ مِنْ آخَرَ وَأَخَذَ أُجْرَتَهُ لَزِمَهُ أَنْ يُعْطِيَ لِشَرِيكَيْهِ ثُلُثَيْ الْأُجْرَةِ وَسَنُفَصِّلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَتُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ (١٠٧٧) لَكِنَّ إيجَارَ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَوْ إعَارَتَهُ غَيْرُ جَائِزَةٍ دِيَانَةً. إذْ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ حَرَامٌ، وَلَا يُمْنَعُ قَضَاءً إذْ الْإِنْسَانُ لَا يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا بِيَدِهِ إذَا لَمْ يُنَازِعْهُ فِيهِ أَحَدٌ (التَّنْقِيحُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
[ (الْمَادَّةُ ٥٩٨) لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ فِي مَالٍ اُسْتُعْمِلَ بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ]
(الْمَادَّةُ ٥٩٨) لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ فِي مَالٍ اُسْتُعْمِلَ بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ، وَلَوْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ. مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ لِآخَرَ الْحَانُوتَ الَّذِي يَمْلِكُهُ بِالِاشْتِرَاكِ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ الْمُشْتَرِي مُدَّةً، ثُمَّ لَمْ يُجِزْ الشَّرِيكُ الْبَيْعَ وَضَبَطَ حِصَّتَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِأُجْرَةِ حِصَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ اسْتَعْمَلَهُ بِتَأْوِيلِ الْعَقْدِ يَعْنِي حَيْثُ إنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ لِآخَرَ رَحًى عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ وَسَلَّمَهَا، ثُمَّ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي لَوْ ظَهَرَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ وَأَخَذَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِثْبَاتِ وَالْحُكْمِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةً لِتَصَرُّفِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَيْضًا تَأْوِيلُ عَقْدٍ. لَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ فِي مَالٍ اُسْتُعْمِلَ بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ، وَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْكُنْهَا مُلْتَزِمًا الْأُجْرَةَ وَذِكْرُ كَلِمَةِ الْعَقْدِ مُطْلَقَةً يَشْمَلُ الْبَيْعَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْعُقُودِ كَالرَّهْنِ، كَمَا سَيَأْتِي مِثَالُهُ.
مِثَالٌ لِتَأْوِيلٍ الْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ: مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ الْحَانُوتَ الَّذِي يَمْلِكُهُ مُشْتَرَكًا مَعَ آخَرَ مِنْ شَخْصٍ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ أَيْ إنَّهُ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِالْأَصَالَةِ وَحِصَّةَ شَرِيكِهِ فُضُولًا وَتَصَرَّفَ فِيهِ الْمُشْتَرِي مُدَّةً، ثُمَّ أَنَّ الشَّرِيكَ الثَّانِي لَمْ يُجِزْ الْبَيْعَ بِمَا لَهُ مِنْ صَلَاحِيَةٍ فِي ذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٣٧٨) وَاسْتَرَدَّ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَضَبَطَهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِأُجْرَةِ حِصَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ اسْتَعْمَلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute