[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيَانِ بَعْضِ أَحْوَالِ وَشُرُوطِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ وَالْمُصَالَحِ عَنْهُ] [ (الْمَادَّةُ ١٥٤٥) إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ عَيْنًا]
الْمَادَّةُ (١٥٤٥) - (إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ عَيْنًا فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ، وَإِذَا كَانَ دَيْنًا فَهُوَ فِي حُكْمِ الثَّمَنِ، وَعَلَيْهِ فَالشَّيْءُ الَّذِي يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ مَبِيعًا، أَوْ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ بَدَلًا فِي الصُّلْحِ أَيْضًا) .
يَجِبُ حَمْلُ الصُّلْحِ عَلَى الْعَقْدِ الَّذِي يَكُونُ قَرِيبًا مِنْهُ، وَيَجِبُ وُجُودُ شُرُوطِ ذَلِكَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ تَصْحِيحُ تَصَرُّفِ الْعَاقِلِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ (الْبَحْرُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٦٠) فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ عَيْنًا كَعَقَارٍ مَعْلُومٍ، أَوْ عُرُوضٍ أَوْ مَكِيلٍ، أَوْ مَوْزُونٍ فَالْعَقْدُ الْوَاقِعُ بَيْعٌ وَهَؤُلَاءِ فِي حُكْمِ الْمَبِيعِ وَإِذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ دَيْنًا كَأَنْ يَكُونَ مَكِيلًا، أَوْ مَوْزُونًا غَيْرَ مُعَيَّنَيْنِ، أَوْ ذَهَبًا، أَوْ فِضَّةً كَذَلِكَ يَكُونُ الْعَقْدُ بَيْعًا، وَهَؤُلَاءِ ثَمَنًا، وَإِذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مَنْفَعَةً فَعَقْدُ الصُّلْحِ فِي حُكْمِ الْإِجَارَةِ، وَعَلَى هَذَا الْحَالِ، فَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مُعَجَّلًا، أَوْ مُؤَجَّلًا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ بَدَلُ الصُّلْحِ مُعَجَّلًا، أَوْ مُؤَجَّلًا (الْبَزَّازِيَّةُ) .
فَلِذَلِكَ يَكُونُ الصُّلْحُ بَعْضًا بَيْعًا وَبَعْضًا إجَارَةً، إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ صُلْحٌ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْعُقُودِ الْمَعْلُومَةِ كَالصُّلْحِ عَنْ دَعْوَى جِنَايَةِ الْعَمْدِ الْمُقَامَةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) وَكَذَلِكَ فَالشَّيْءُ الَّذِي يَكُونُ صَالِحًا لَأَنْ يَكُونَ مَبِيعًا، أَوْ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بَدَلَ صُلْحٍ فِي الصُّلْحِ، وَعَلَيْهِ فَالْعُرُوضُ وَالْعَقَارُ وَالْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ الْمُعَيَّنَةُ تَصِحُّ أَنْ تَكُونَ بَدَلَ صُلْحٍ كَمَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَبِيعًا، إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ بَعْضُ أَشْيَاءَ تَصِحُّ أَنْ تَكُونَ بَدَلَ صُلْحٍ فِي الصُّلْحِ مَعَ كَوْنِهَا لَا تَصِحُّ فِي الْبَيْعِ أَنْ تَكُونَ مَبِيعًا.
وَبَيَانُ ذَلِكَ مَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (١٥٤٧) مِنْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ فِي الدَّارِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ، وَادَّعَى الْآخَرُ عَلَى الْمُدَّعِي حَقًّا فِي الْبُسْتَانِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ، وَتَصَالَحَا قَبْلَ أَنْ يُعَيِّنَا مُدَّعَاهُمَا عَلَى أَنْ يَتْرُكَ كُلٌّ مِنْهُمَا دَعْوَاهُ فَحَيْثُ إنَّ الْحَقَّ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا فِي هَذَا الصُّلْحِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَبِيعًا حَسَبَ مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٢٠٣) إلَّا أَنَّهُ صَحَّ أَنْ يَكُونَ بَدَلَ صُلْحٍ.
وَكَذَلِكَ يُوجَدُ بَعْضُ أَشْيَاءَ غَيْرُ صَالِحَةٍ فِي الْبَيْعِ أَنْ تَكُونَ مَبِيعًا، وَهِيَ غَيْرُ صَالِحَةٍ أَنْ تَكُونَ بَدَلَ صُلْحٍ كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ كَالْجِيفَةِ وَالْحُرِّ.
وَكَذَلِكَ كَذَا دِرْهَمًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَكَذَا كَيْلَةً مِنْ الْمَكِيلَاتِ غَيْرَ مُشَارٍ إلَيْهَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بَدَلَ صُلْحٍ كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ثَمَنَ مَبِيعٍ.
إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ بَعْضُ أَشْيَاءَ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ بَدَلَ صُلْحٍ مَعَ كَوْنِهَا لَيْسَتْ صَالِحَةً لَأَنْ تَكُونَ ثَمَنَ مَبِيعٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٥٤٧) .
[ (الْمَادَّةُ ١٥٤٦) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مَالَ الْمُصَالِحِ وَمِلْكَهُ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute