للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا بَعْدَ أَنْ أَوْصَى لَهَا وَصِيَّةً وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ مُصِرًّا عَلَى إيصَائِهِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ أَحَدٌ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ أَوْصَى لَهَا وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ) .

قِيلَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَحَدٌ مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مِنْ أَقْرِبَاءِ الزَّوْجِ أَوَالزَّوْجَةِ لِأَقْرِبَاءِ الْآخَرِ شَيْئًا فَيَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ هَذِهِ الْهِبَةِ. فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ قَرِيبُ الْبِنْتِ شَيْئًا لِأَبِي الْوَلَدِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ افْتَرَقَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فَلِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ (الْقَاعِدِيَّةُ) مَا لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ.

[ (الْمَادَّةُ ٨٦٨) أُعْطِيَ لِلْهِبَةِ عِوَضٌ وَقَبَضَهُ الْوَاهِبُ]

(الْمَادَّةُ ٨٦٨) إذَا أُعْطِيَ لِلْهِبَةِ عِوَضٌ وَقَبَضَهُ الْوَاهِبُ فَهُوَ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ فَعَلَيْهِ لَوْ أُعْطِيَ لِلْوَاهِبِ مِنْ جَانِبِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ مِنْ آخَرَ شَيْءٌ عَلَى كَوْنِهِ عِوَضًا عَنْ هِبَتِهِ وَقَبَضَهُ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.

إذَا أُعْطِيَ مَالٌ غَيْرُ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ هِبَةً أَوْ هَدِيَّةً أَوْ صَدَقَةً لِلْوَاهِبِ عَلَى كَوْنِهِ مُقَابِلًا لِكُلِّ الْمَوْهُوبِ وَقَبَضَ الْوَاهِبُ الْعِوَضَ الْمَذْكُورَ فَإِنَّ ذَلِكَ مَانِعٌ لِلرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ وَالْعِوَضِ مَعًا سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الْعِوَضُ مَشْرُوطًا أَثْنَاءَ الْهِبَةِ أَمْ لَمْ يَكُنْ يَعْنِي كَأَنْ يُعْطِيَ بَعْدَ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ بِلَا شَرْطٍ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إنَّ هَذَا الْعِوَضَ الثَّانِيَ، لَا يُسْقِطُ حَقَّ الرُّجُوعِ إلَّا أَنَّ فُرُوعَ الْمَذْهَبِ تَقُولُ بِإِسْقَاطِ الْعِوَضِ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ (الطَّحْطَاوِيُّ) .

فَالتَّعْوِيضُ الْمُتَأَخِّرُ عَنْ الْهِبَةِ هِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ بِلَا خِلَافٍ يَصِحُّ بِمَا تَصِحُّ بِهِ الْهِبَةُ وَيَبْطُلُ بِمَا تَبْطُلُ بِهِ الْهِبَةُ وَلَا يُخَالِفُهَا إلَّا فِي إسْقَاطِ حَقِّ الرُّجُوعِ فَأَمَّا فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَهُوَ فِي حُكْمِ هِبَةٍ مُبْتَدَأَةٍ (الْهِنْدِيَّةُ بِاخْتِصَارِ) مَا لَمْ يَبْقَ الْعِوَضُ سَالِمًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّ «الرَّسُولَ الْأَكْرَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: الْوَاهِبُ أَحَقُّ بِهِبَتِهِ مَا لَمْ يُثَبْ مِنْهَا» (الزَّيْلَعِيّ) كَمَا أَنَّ ثُبُوتَ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى وُقُوعِ الْخَلَلِ فِي مَقْصُودِ الْوَاهِبِ عَلَى مَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٦٤) وَلَمَّا كَانَ الْخَلَلُ يَزُولُ بِإِعْطَاءِ الْعِوَضِ فَلَا يَكُونُ حَقُّ الرُّجُوعِ أَيْضًا كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي رَدِّ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ إذْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ بِعَيْبِهِ الْقَدِيمِ فِيمَا إذَا زَالَ ذَلِكَ الْعَيْبُ (الزَّيْلَعِيّ) .

إيضَاحُ الْقُيُودِ:

١ - كُلُّ الْهِبَةِ قَدْ زِيدَتْ فِي الشَّرْحِ لَفْظَةَ، (كُلٍّ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ عِوَضٌ فِي مُقَابِلِ نِصْفِ الْمَوْهُوبِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ هِبَتِهِ فِي هَذَا النِّصْفِ إلَّا أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ عَنْ الرُّجُوعِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِ الْمَانِعِ كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٦٤) (الْهِدَايَةُ وَالْعِنَايَةُ) فَالتَّعْوِيضُ الَّذِي يَمْنَعُ الرُّجُوعَ بِمَا أَنَّهُ فِي نِصْفِهِ فَقَطْ فَامْتِنَاعُ الرُّجُوعِ يَنْحَصِرُ فِي نِصْفِهِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ بِالرُّجُوعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُولَدُ الشُّيُوعُ فِي الْمَوْهُوبِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ طَارِئٌ فَلَا يُخِلُّ بِصِحَّةِ الْهِبَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥٥) .

٢ - مَالُ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ وَسَتَأْتِي إيضَاحَاتُ ذَلِكَ قَرِيبًا.

٣ - إذَا أُعْطِي عِوَضٌ فِي مُقَابَلَةِ الْهِبَةِ صَدَقَةً أَوْ عُمْرَى فَيَسْقُطُ بِإِعْطَائِهِمَا حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ كَمَا يَسْقُطُ بِإِعْطَاءِ الْعِوَضِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ الْعِوَضِ، الَّذِي هُوَ مَقْصُودُ الْوَاهِبِ فَلَا يَبْقَى اعْتِبَارٌ لِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>