وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ. كَذَلِكَ لَوْ زَرَعَ أَحَدٌ الْأَرْضَ الْمَمْلُوكَةَ وَالْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ مُسْتَقِلًّا بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ وَأَخَذَ مَحْصُولَاتِهَا عِنْدَ إدْرَاكِهَا وَتَرَتَّبَ نُقْصَانٌ عَلَى زِرَاعَتِهِ فَلِلشَّرِيكِ عِنْدَ أَخْذِهِ حِصَّتَهُ فِي الْأَرْضِ أَيْ اسْتِرْدَادِهِ إيَّاهَا تَضْمِينُهُ حِصَّتَهُ مِنْ نُقْصَانِ الْأَرْضِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى زِرَاعَتِهِ إيَّاهَا، وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ حِصَّتِهِ مِنْ الْحَاصِلَاتِ كَالنِّصْفِ وَالرُّبْعِ حَسْبَ عُرْفِ الْبَلَدِ وَالِاشْتِرَاكُ مَعَهُ بِالْمَحْصُولِ (الْبَهْجَةُ) .
أَمَّا إذَا نَبَتَ الزَّرْعُ وَلَمْ يُدْرَكْ بَعْدُ وَطَلَبَ صَاحِبُ الْحِصَّةِ قَلْعَ الزَّرْعِ تُقَسَّمُ الْعَرْصَةُ وَيُقْلَعُ الْمِقْدَارُ الْبَاقِي فِي حِصَّتِهِ وَيُضَمِّنُهُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ. كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْعَرْصَةَ الْمُشْتَرَكَةَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ مِنْ آخَرَ وَزَرَعَهَا الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُجِزْ الشَّرِيكُ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ فَلَهُ عِنْدَ أَخْذِهِ حِصَّتَهُ تَضْمِينُ الْمُشْتَرِي نُقْصَانَ الْأَرْضِ أَيْضًا (النَّتِيجَةُ) . أَمَّا إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى هَذِهِ الزِّرَاعَةِ نُقْصَانٌ فِي الْأَرْضِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (التَّنْقِيحُ) . وَإِذَا لَمْ يَنْبُتْ الزَّرْعُ أَصْلًا لَا يَجُوزُ لِلشَّرِيكِ أَنْ يُعْطِيَ نِصْفَ الْبِذَارِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَأَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٠٥) أَمَّا إذَا نَبَتَ الزَّرْعُ فَتَجُوزُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . قِيلَ، بِلَا إذْنٍ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِالْإِذْنِ فَيَكُونُ هَذَا الْإِذْنُ إمَّا إجَارَةً أَوْ إعَارَةً أَوْ مُهَايَأَةً. وَكَمَا مَرَّتْ الْإِجَارَةُ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةُ فِي كِتَابِ الْأَمَانَاتِ فَسَتَأْتِي الْمُهَايَأَةُ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ. قِيلَ الْحَاضِرُ، لِأَنَّ حُكْمَ الشَّرِيكِ إذَا كَانَ غَائِبًا سَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ (١٠٨٥) .
وَقَدْ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ غَصْبًا فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَجَلَّةِ إلَى مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، هُوَ أَنْ يُهَيِّئَ صَاحِبُ الْأَرْضِ تِلْكَ الْأَرْضَ وَيُعِدَّهَا لِيَزْرَعَهَا آخَرُ بِحِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الْحَاصِلَاتِ عَلَى طَرِيقِ الْمُزَارَعَةِ يَعْنِي أَنْ لَا يَزْرَعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِالذَّاتِ بَلْ يُعْطِيهَا لِلْغَيْرِ بِحِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ شَائِعَةٍ مِنْ الْحَاصِلَاتِ فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ مَعْرُوفَةً لَدَى أَهَالِي النَّاحِيَةِ الَّتِي فِيهَا الْأَرْضُ فَبِمَا أَنَّ زِرَاعَةَ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْأَرْضَ الْمَذْكُورَةَ تُحْمَلُ عَلَى الْمُزَارَعَةِ يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبَ الْأَرْضِ الْحِصَّةَ الْمَعْرُوفَةَ. لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ بَيْنَ النَّاسِ كَالْمَشْرُوطِ بَيْنَهُمْ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٣) . وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إلَى الْعَادَةِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ زَرَعَهَا غَصْبًا بِأَنْ أَقَرَّ الزَّارِعُ عِنْدَ الزَّرْعِ أَنَّهُ إنَّمَا يَزْرَعُهَا لِنَفْسِهِ لَا عَلَى الْمُزَارَعَةِ أَوْ لِأَنَّ الرَّجُلَ مِمَّنْ لَا يَأْخُذُ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً وَيَأْنَفُ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ غَاصِبًا وَيَكُونُ الْخَارِجُ لَهُ وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُعِدَّهَا وَيُهَيِّئَهَا صَاحِبُهَا لِلْإِيجَارِ أَيْ أَنْ تَكُونَ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ. يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ مَنْ يَزْرَعُ هَذِهِ الْأَرْضَ وَلَا يَكُونُ الزَّارِعُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ غَاصِبًا كَمَا لَا يَكُونُ مُزَارِعًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥٩٦) (التَّنْقِيحُ، الطَّحْطَاوِيُّ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) .
[ (الْمَادَّةُ ٩٠٨) إذَا كَرَبَ أَحَدٌ أَرْضَ آخَرَ غَصْبًا ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا]
(الْمَادَّةُ ٩٠٨) - (إذَا كَرَبَ أَحَدٌ أَرْضَ آخَرَ غَصْبًا ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا صَاحِبُهَا فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ مُطَالَبَةُ أُجْرَةٍ فِي مُقَابَلَةِ الْكِرَابِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute