للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَأْسُ مَالِهِ، وَمَصْرُوفَاتُهُ، وَالْمِقْدَارُ الَّذِي يَضْمَنُهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ. لِأَنَّهُ حَصَلَ بِسَبَبٍ خَبِيثٍ وَهُوَ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَيَكُونُ سَبِيلَهُ التَّصَدُّقُ إذْ الْفَرْعُ يَحْصُلُ عَلَى وَصْفِ الْأَصْلِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . لَوْ زَرَعَ الْغَاصِبُ كَيْلَةَ حِنْطَةٍ فَنَتَجَ مِنْهَا أَرْبَعُ كَيْلَاتٍ وَكَانَ مَا صَرَفَهُ الْغَاصِبُ كَيْلَةَ بِذَارٍ، وَكِيلَةَ مَئُونَة لِلزِّرَاعَةِ، وَكِيلَةً لِصَاحِبِ الْأَرْضِ نُقْصَانُ أَرْضِهِ فِيمَا أَنَّهُ يَكُونُ قَدْ صَرَفَ ثَلَاثَ كَيْلَاتٍ لَزِمَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْكَيْلَةِ الرَّابِعَةِ الَّتِي تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَلَا يَلْزَمُ التَّصَدُّقُ بِتِلْكَ - الزِّيَادَةِ. لِأَنَّ الزِّيَادَةَ حَصَلَتْ فِي ضَمَانِهِ وَمِلْكِهِ لِأَنَّ مَا ضُمِنَ مِنْ الْفَائِتِ يُمَلَّكُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ وَالْمَضْمُونَاتُ تُمَلَّكُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ عِنْدَنَا مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ وَهُوَ الْغَصْبُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ حَدَثَ فِي مِلْكِهِ إذْ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ (الطَّحْطَاوِيُّ، الْهِدَايَةُ، الْعَيْنِيُّ) .

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ الْمَزْرُوعَاتُ ظَاهِرَةً أَيْ نَابِتَةً لَمْ تُدْرَكْ بَعْدُ. لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْقَلْعُ مَعَ تَضْمِينِ نُقْصَانِ الْأَرْضِ وَاسْتِرْدَادِهِ الْأَرْضَ أَيْضًا. وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يُبْقِيَ زَرْعَهُ إلَى إدْرَاكِهِ بِدُونِ رِضَا الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ أَجْرَ الْمِثْلِ أَيْ لَا يُقَاسُ هَذَا الْخُصُوصُ عَلَى الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (٥٢٦) وَشَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٣٢) (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَحُصُولُ النُّقْصَانِ فِي الْأَرْضِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَاشِئٌ عَنْ ضَعْفِ الْأَرْضِ عَنْ إعْطَائِهَا مَحْصُولًا فِي تِلْكَ السَّنَةِ بِسَبَبِ قَلْعِ الزَّرْعِ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: كَوْنُ الْبِذَارِ لَمْ يَنْبُتْ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إمَّا أَنْ يَصْبِرَ صَاحِبُ الْأَرْضِ إلَى أَنْ يَنْبُتَ الْبِذَارُ، وَمِنْ ثَمَّ تَرَى الْمُعَامَلَةَ عَلَى وَجْهِ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ يَصْبِرَ إلَى أَنْ يُدْرِكَ الْمَحْصُولَ ثُمَّ يَسْتَرِدُّ أَرْضَهُ أَيْ تَجْرِي الْمُعَامَلَةُ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى: أَوْ يَضْمَنَ لَهُ بِذَارَهُ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ الْغَيْرِ وَيَبْقَى الْبِذَارُ لَهُ. وَيُعْطَى صَاحِبُ الْأَرْضِ قِيمَةَ بِذَارِ الْغَاصِبِ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ الْغَيْرِ وَيَتَمَلَّكُ الزَّرْعَ، وَعَلَى هَذِهِ الْحَالِ إذَا أُدْرِكَ الزَّرْعُ كَانَتْ حَاصِلَاتُهُ لَهُ وَذَلِكَ بِأَنْ تُقَوَّمَ الْأَرْضُ غَيْرَ مَبْذُورَةٍ وَمَبْذُورَةً فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) . غَيْرَ أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ قَدْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ إذَا أَعْطَى صَاحِبُ الْأَرْضِ مِثْلَ الْبِذَارِ الَّذِي بَذَرَهُ الْغَاصِبُ بَقِيَ الْبِذَارُ الْمَبْذُورُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ هُوَ الْأَوَّلُ أَيْ إعْطَاءُ قِيمَتِهِ مَبْذُورًا وَقَدْ أُفْتِيَ فِي الْبَهْجَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا. إلَّا أَنَّهُ قَدْ بُيِّنَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى أَنَّ الْمُخْتَارَ هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَأَنَّ الْمُنَاسِبَ الْحُكْمُ وَالْعَمَلُ بِمُوجِبِ مَذْهَبِ هَذَا الْإِمَامِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الْمُخْتَارُ فَهُمَا قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ هُنَا كَمَا ذُكِرَ فِي أَثْنَاءِ الشَّرْحِ الْأَرْضُ الَّتِي لَا تَكُونُ عَائِدَةً إلَى الْوَقْفِ أَوْ إلَى الصَّبِيِّ الْيَتِيمِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ عَائِدَةً إلَيْهِ مَا، فَيَلْزَمُ الْحُكْمُ بِالْأَنْفَعِ لِلْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ مِنْ نُقْصَانِ الْأَرْضِ وَأَجْرِ الْمِثْلِ عَلَى مَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ.

فَلَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ دَارَ الْوَقْفِ أَوْ الصَّبِيِّ الْيَتِيمِ وَاسْتَعْمَلَهَا لَزِمَهُ ضَمَانُ الْأَكْثَرِ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَنُقْصَانِ السُّكْنَى. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٥٩٦) (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>