للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ (الْمَادَّةُ ٨٢٤) لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُودِعَ الْعَارِيَّةَ عِنْدَ آخَرَ]

(الْمَادَّةُ ٨٢٤) - (لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُودِعَ الْعَارِيَّةَ عِنْدَ آخَرَ فَإِذَا هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ مَثَلًا إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَذْهَبَ بِهَا إلَى مَحِلِّ كَذَا ثُمَّ يَعُودُ فَوَصَلَ إلَى ذَلِكَ الْمَحِلِّ فَتَعِبَتْ الدَّابَّةُ وَعَجَزَتْ عَنْ الْمَشْيِ فَأَوْدَعَهَا عِنْدَ شَخْصٍ ثُمَّ هَلَكَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا فَلَا ضَمَانَ) .

لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُودِعَ الْعَارِيَّةَ الَّتِي تَجُوزُ إعَارَتُهَا عِنْدَ آخَرَ أَيْ عِنْدَ أَمِينِهِ؛ لِأَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٢٠) أَنْ يُعِيرَهَا لِآخَرَ وَيَكُونُ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ الثَّانِي أَمَانَةً وَعَلَيْهِ فَإِيدَاعُ الْمُسْتَعِيرِ لِلْإِعَارَةِ هُوَ دُونَ إعَادَتِهَا؛ لِأَنَّ فِي الْإِعَارَةِ تَمْلِيكًا لِلْمَنْفَعَةِ وَإِيدَاعًا مَعًا وَأَنَّ مَنْ يَمْلِكُ الْأَعْلَى يَمْلِكُ الْأَدْنَى بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَلِذَلِكَ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ تَلِفَتْ الْعَارِيَّةُ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهَا نُقْصَانٌ فَلَا يَلْزَمُ الْمُعِيرَ وَلَا الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ، وَعَدَمُ لُزُومِ الْمُسْتَعِيرِ ضَمَانٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَادَّةِ (٩١) الْقَائِلَةِ: (الْجَوَازُ الشَّرْعِيُّ يُنَافِي الضَّمَانَ) كَمَا أَنَّ عَدَمَ لُزُومِ الْمُسْتَوْدَعِ الضَّمَانُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٧٧٧) الْمُتَضَمَّنَةِ عَدَمَ لُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ فِي التَّلَفِ الَّذِي يَحْصُلُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَقَيْدُ (بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ) فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُسْتَعِير لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُسْتَوْدَعِ فَهُوَ قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ. فَلَوْ تَلِفَتْ تِلْكَ الْعَارِيَّةُ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ وَإِنْ كَانَ بِتَعَدِّي الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ تَقْصِيرِهِ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهَا نُقْصَانٌ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ الضَّمَانُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٩١) . كَمَا يَتَّضِحُ لَك فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٢٨) . أَمَّا لَوْ تَلِفَتْ الْعَارِيَّةُ بِتَعَدِّي الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ تَقْصِيرِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَزِمَ الْمُسْتَوْدَعَ الضَّمَانُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (٣٨٧) .

اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي إيدَاعِ الْعَارِيَّةِ: فِي إيدَاعِ الْعَارِيَّةِ قَوْلَانِ فَالْإِيدَاعُ الْمَذْكُورُ عَلَى قَوْلٍ لَيْسَ جَائِزًا وَيَجُوزُ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ.

وَنَظَرًا لِكَوْنِ الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ هُوَ الْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ فَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ هَذَا الْقَوْلَ.

وَيَتَفَرَّعُ عَنْ الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ. فَلَوْ رَدَّ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ مَعَ أَمِينِهِ الْأَجْنَبِيِّ لِلْمُعِيرِ وَتَلِفَتْ الْعَارِيَّةُ فِي يَدِ الْأَمِينِ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (الْبَحْرُ) .

وَيَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ مَسْأَلَتَيْنِ مِنْ جَوَازِ إيدَاعِ آخَرَ الْعَارِيَّةَ، يَعْنِي لَا يَجُوزُ إيدَاعُ آخَرَ الْعَارِيَّةَ فِي مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - الْعَارِيَّةُ الَّتِي لَا تَجُوزُ إعَارَتُهَا لِآخَرَ. فَهَذِهِ الْعَارِيَّةُ قَدْ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ إيدَاعِهَا وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ الدَّلِيلِ الَّذِي ذُكِرَ لِإِثْبَاتِ هَذِهِ الْمَادَّةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٠ ٨٢) وَشَرْحَهَا. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ ذَهَبَ الْمُسْتَعِيرُ عَلَى الْفَرَسِ الَّذِي اسْتَعَارَهُ لِيَرْكَبَهُ بِالذَّاتِ فَأَوْدَعَهُ أَحَدًا هُنَاكَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمِثَالِ الْآتِي وَتَلِفَ فِي يَدِهِ كَانَ ضَامِنًا.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ أَوْدَعَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُسْتَعَارَ عِنْدَ آخَرَ بَعْدَ آخَرَ بَعْدَ أَنْ نَهَاهُ الْمُعِيرُ عَنْ إعْطَائِهِ لِغَيْرِهِ وَتَلِفَ كَانَ ضَامِنًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٨٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>