قِيَاسَ الضَّرَرِ هُوَ أَنْ يُرَى أَنَّ ضَرَرَ الْمَالِكِ عِبَارَةٌ عَنْ نَقْلِ الْمَالِيَّةِ فِي مَالِهِ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الْقِيمَةِ وَجَبْرِ ضَرَرِهِ الْوَاقِعِ بِالْقِيمَةِ أَمَّا ضَرَرُ الْغَاصِبِ فَيَكُونُ قَدْ هُدِرَ بِالْكُلِّيَّةِ فَأَدَّى ذَلِكَ إلَى إبْطَالِ الْحَقِّ فَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ الضَّرَرُ الْمَجْبُورُ بِالْقِيمَةِ أَدْنَى مِنْ الضَّرَرِ الْمَحْضِ فَكَانَ قَطْعُ حَقِّ الْمَالِكِ أَوْلَى مِنْ قَطْعِ حَقِّ الْغَاصِبِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٢٧) وَكَذَلِكَ قَدْ حَصَلَ تَغْيِيرٌ بِإِدْخَالِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الْبِنَاءِ. لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ قَبْلَ إدْخَالِهَا فِي الْبِنَاءِ كَانَتْ مَنْقُولَةً فَأَصْبَحَتْ بَعْدَ الْإِدْخَالِ عَقَارًا وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَهِيَ مِنْ وَجْهٍ هَالِكَةٌ وَمَنْ وَجْهٍ آخَرَ مُتَغَيِّرَةٌ وَقَدْ مَرَّ آنِفًا أَنَّ التَّغْيِيرَ مُوجِبٌ لِانْقِطَاعِ حَقِّ الْمَالِكِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَنَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) .
[ (الْمَادَّةُ ٩٠٠) إذَا تَنَاقَضَ سِعْرُ الْمَغْصُوبِ وَقِيمَتُهُ بَعْدَ الْغَصْبِ]
(الْمَادَّةُ ٩٠٠) إذَا تَنَاقَضَ سِعْرُ الْمَغْصُوبِ وَقِيمَتُهُ بَعْدَ الْغَصْبِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ وَأَنْ يُطَالِبَ بِقِيمَتِهِ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَانِ الْغَصْبِ وَلَكِنْ طَرَأَ عَلَى قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ نُقْصَانٌ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِ الْغَاصِبِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. مَثَلًا إذَا ضَعُفَ الْحَيَوَانُ الَّذِي غُصِبَ وَرَدَّهُ الْغَاصِبُ إلَى صَاحِبِهِ يَلْزَمُ ضَمَانُ نُقْصَانِ قِيمَتِهِ كَذَلِكَ إذَا شُقَّ الثَّوْبُ الَّذِي غُصِبَ وَطَرَأَ بِذَلِكَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ فَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ يَسِيرًا يَعْنِي لَمْ يَكُنْ بَالِغًا رُبْعَ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ فَعَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُ نُقْصَانِ قِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا أَعْنِي إنْ كَانَ النُّقْصَانُ مُسَاوِيًا لِرُبْعِ قِيمَتِهِ أَوْ أَزْيَدَ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِلْغَاصِبِ وَأَخَذَ مِنْهُ تَمَامَ قِيمَتِهِ. النُّقْصَانُ الْعَارِضُ لِلْمَغْصُوبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ الْقُهُسْتَانِيُّ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: النُّقْصَانُ بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ بِدُونِ تَغَيُّرٍ فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ. وَهَذَا النُّقْصَانُ لَيْسَ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ أَصْلًا إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ إلَى مَكَانِ الْغَصْبِ (الطَّحْطَاوِيُّ) فَعَلَيْهِ لَوْ نَقَصَ سِعْرُ وَقِيمَةُ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ الْغَصْبِ أَوْ رَدَّ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ الِامْتِنَاعُ عَنْ أَخْذِهِ وَالْمُطَالَبَةُ بِقِيمَتِهِ فِي زَمَانِ الْغَصْبِ يَعْنِي لَا يُسْأَلُ الْغَاصِبُ بِمُجَرَّدِ تَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ وَلَا يَخْتَلِفُ هَذَا الْحُكْمُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَغْصُوبُ قِيَمِيًّا أَوْ مِثْلِيًّا لِأَنَّ نُقْصَانَ السِّعْرِ يَكُونُ بِفُتُورِ الرَّغَبَاتِ لَا بِفَوَاتِ جُزْءٍ فِي الْمَغْصُوبِ (الدُّرَرُ) أَمَّا فُتُورُ الرَّغَبَاتِ فَهُوَ شَيْءٌ يُحْدِثُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ وَعَيْنُ الْمَغْصُوبِ لَمَّا كَانَتْ مُتَسَاوِيَةً فِي كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ وَقَائِمَةً كَمَا فِي السَّابِقِ فَلَا يُوجِبُ هَذَا الْحَالُ تَغَيُّرَ الْأَحْكَامِ (الْعَيْنِيُّ وَالْجَوْهَرَةُ) . فَعَلَيْهِ لَا يَكُنْ تَغَيُّرُ السِّعْرِ مَضْمُونًا (الْبَزَّازِيَّةُ) لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ النُّحَاسِيَّةِ رِشْوَةً ثُمَّ كَسَدَتْ الدَّرَاهِمُ وَأَرَادَ الْمُرْتَشِي إعَادَةَ الدَّرَاهِمِ عَيْنًا إلَى صَاحِبِهَا لِبَقَائِهَا فِي يَدِهِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّرَاهِمِ النُّحَاسِيَّةِ أَنْ يَطْلُبَ بَدَلًا عَنْ دَرَاهِمِهِ الْكَاسِدَةِ فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا (الْفَيْضِيَّةُ) .
وَلَا يُسْأَلُ الْغَاصِبُ فِيمَا إذَا سَلَّمَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ عَنْ هُبُوطِ سِعْرِهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَرُدَّهُ وَيُسَلِّمْهُ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ. إنْ شَاءَ طَلَبَ تَسْلِيمَهُ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute