شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهُ وَقَدْ مَرَّتْ تَفْصِيلَاتُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١ ٨٩) لِأَنَّ النُّقْصَانَ حَدَثَ مِنْ قِبَلِ الْغَاصِبِ بِنَقْلِهِ إيَّاهُ إلَى هَذَا الْمَكَانِ فَكَانَ مُلْزَمًا بِالضَّرَرِ مُطَالَبًا بِالْقِيمَةِ وَلَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ (الْعَيْنِيُّ) .
الْقِسْمُ الثَّانِي: النُّقْصَانُ بِفَوَاتِ بَعْضِ الْجُزْءِ. هَذَا النُّقْصَانُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فِي كُلِّ حَالٍ وَيُقَسَّمُ إلَى وَجْهَيْنِ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ التَّقْسِيمُ بِاعْتِبَارِ الْمِقْدَارِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ النُّقْصَانِ الْفَاحِشِ وَالنُّقْصَانِ الْيَسِيرِ. وَتَعْرِيفُهُمَا وَحُكْمُهُمَا يُبَيَّنَانِ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي الْآتِي. وَهَذَانِ النَّوْعَانِ مِنْ النُّقْصَانِ مَضْمُونَانِ أَيْضًا.
الْوَجْهُ الثَّانِي: التَّقْسِيمُ بِاعْتِبَارِ السَّبَبِ وَهَذَا مُنْقَسِمٌ إلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ. وَالنُّقْصَانُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَضْمُونٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ. الصُّورَةُ الْأُولَى: النُّقْصَانُ الْحَاصِلُ فِي الْمَغْصُوبِ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ. فَعَلَيْهِ إذَا طَرَأَ عَلَى قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ نُقْصَانٌ بِفَوَاتِ جُزْئِهِ وَحَصَلَ ذَلِكَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْغَاصِبِ لَهُ أَوْ عَلَى أَيِّ فِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِهِ وَلَمْ يَكُنْ بِتَغَيُّرِ السِّعْرِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَالُ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ فَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ رَدُّ الْمَغْصُوبِ وَضَمَانُ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ الْحَاصِلَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ يَحْصُلُ بِتَلَفِ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ. لِأَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ دَاخِلٌ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ فِي ضَمَانِ الْغَاصِبِ فَلِذَلِكَ لَزِمَ ضَمَانُ قِيمَةِ جُزْئِهِ الْمُتَعَذَّرِ رَدُّهُ وَإِعَادَتُهُ (الْهِدَايَةُ، وَالْعَيْنِيُّ مُلَخَّصًا) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُقَوَّمُ الْمَغْصُوبُ عَلَى الْحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ وَيُقَوَّمُ أَيْضًا عَلَى الْحَالِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ فَمَا كَانَ مِنْ فَرْقٍ وَتَفَاوُتٍ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ تَكُونُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ (الْجَوْهَرَةُ) . أَمَّا فِي الرِّبَوِيِّ فَلَا يُمْكِنُ ضَمَانُ النُّقْصَانِ مَعَ اسْتِرْدَادِ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا (الْجَوْهَرَةُ) .
وَلَمَّا كَانَ الضَّمَانُ الْمَذْكُورُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّابِقَةِ هُوَ فِي مُقَابِلِ النُّقْصَانِ فَعَلَيْهِ إذَا زَالَ ذَلِكَ النُّقْصَانُ مُؤَخَّرًا بِنَفْسِهِ فَيَسْتَرِدُّ الْغَاصِبُ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ النُّقْصَانِ مَثَلًا لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ حَيَوَانًا فَمَرِضَ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَرَدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ وَدَفَعَ إلَيْهِ قِيمَةَ النُّقْصَانِ الطَّارِئِ بِسَبَبِ الْمَرَضِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ زَالَ الْمَرَضُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْحَيَوَانِ بِنَفْسِهِ فَيَلْزَمُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ رَدُّ قِيمَةِ النُّقْصَانِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ الْغَاصِبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧ ٩) .
كَذَلِكَ لَوْ رَكِبَ الْحِمَارَ الَّذِي غَصَبَهُ فَعَيَّبَهُ وَضَمِنَ لِصَاحِبِهِ النُّقْصَانَ حَسْبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ ثُمَّ زَالَ ذَلِكَ الْعَيْبُ فَلِلْغَاصِبِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي ضَمِنَهُ التَّنْقِيحُ وَلَيْسَ لَفْظُ الِاسْتِعْمَالِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا بَلْ هُوَ قَيْدٌ وُقُوعِيٌّ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِهِ فِي الْمِثَالِ فَعَلَيْهِ كَمَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ فِيمَا إذَا اسْتَعْمَلَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ وَطَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهِ كَذَلِكَ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِفِعْلِ شَخْصٍ ثَالِثٍ أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ كَمَا سَيَتَّضِحُ ذَلِكَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ سُؤَالٌ: إذَا وُجِدَ نُقْصَانٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِأَنَّ النُّقْصَانَ الْمَذْكُورَ وَصْفٌ فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي قَبِلَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَتْ مِثْلُ هَذِهِ الْأَوْصَافِ وَالْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ تَكُونُ مَضْمُونَةً لِذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ إيجَادُ الْفَرْقِ مَثَلًا لَوْ غَصَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute