للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيَوَانًا قِيمَتُهُ أَلْفُ قِرْشٍ فَطَرَأَتْ عِلَّةٌ فِي عَيْنِهِ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَانْحَطَّتْ قِيمَتُهُ إلَى تِسْعِمِائَةِ قِرْشٍ ضَمِنَ الْغَاصِبُ مِائَةَ قِرْشٍ. وَالْحَالُ لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي حَيَوَانًا بِأَلْفِ قِرْشٍ فَطَرَأَتْ عِلَّةٌ عَلَى عَيْنِهِ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ نَقَصَتْ بِهَا قِيمَتُهُ مِائَةَ قِرْشٍ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي تَنْزِيلُ مِائَةِ قِرْشٍ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ أَنْ يَتْرُكَهُ. جَوَابٌ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ: أَنَّ ضَمَانَ الْمَبِيعِ ضَمَانُ عَقْدٍ. وَالْأَوْصَافُ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً بِالْعَقْدِ وَسَبَبُهُ أَنَّ الْعَقْدَ يَرِدُ عَلَى الْأَعْيَانِ وَلَا يَرِدُ عَلَى الْأَوْصَافِ. لِأَنَّ الْأَوْصَافَ تَابِعَةٌ وَلَا يُعْطَى حُكْمٌ مُنْفَرِدٌ لِلتَّابِعِ أَمَّا ضَمَانُ الْمَغْصُوبِ فَضَمَانُ قَبْضٍ وَأَمَّا الْقَبْضُ فَيَرِدُ عَلَى الذَّاتِ الَّتِي تُلَابِسُ جَمِيعَ أَجْزَائِهِ وَصْفًا فَعَلَيْهِ الْأَوْصَافُ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً بِالْعَقْدِ وَلَكِنْ تَكُونُ مَضْمُونَةً بِالْفِعْلِ (الْهِدَايَةُ وَالْعَيْنِيُّ) .

مَثَلًا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحَيَوَانِ الَّذِي غَصَبَهُ الْمَغْصُوبُ وَقْتَ الْغَصْبِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِفُتُورِ الرَّغَبَاتِ فَيُجْبَرُ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ عَلَى أَخْذِهِ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ شَيْءٍ مِنْ الْغَاصِبِ. أَمَّا لَوْ هَزَلَ الْحَيَوَانُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ كَتَحْمِيلِهِ إيَّاهُ حِمْلًا ضَمِنَ عِنْدَ رَدِّهِ إلَى صَاحِبِهِ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ. وَعَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحَيَوَانِ صَحِيحًا أَيْ فِي الْحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْغَصْبِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَقِيمَتُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ أَيْ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ ثَمَانِيَةَ دَنَانِيرَ فَعَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ الْحَيَوَانِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَعَ ضَمَانِ دِينَارَيْنِ (الْجَوْهَرَةُ) .

كَذَلِكَ لَوْ ضَرَبَ أَحَدٌ بَقَرَةَ آخَرَ فَوَقَعَتْ فَبَاعَهَا صَاحِبُهَا خَوْفًا مِنْ تَلَفِهَا إلَى الْقَصَّابِ وَذُبِحَتْ لَزِمَ ذَلِكَ الشَّخْصَ ضَمَانُ النُّقْصَانِ (التَّنْقِيحُ) . كَذَا لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ تُرَابًا مِنْ عَرْصَةِ آخَرَ فَإِنْ كَانَ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَانَ الْغَاصِبُ ضَامِنًا. سَوَاءٌ أَعَرَضَ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْأَخْذِ نُقْصَانٌ لِلْعَرْصَةِ أَمْ لَمْ يَعْرِضْ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ يَنْظُرُ فَإِذَا طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ بِالْأَخْذِ الْمَذْكُورِ كَانَ ضَامِنًا نُقْصَانَ الْقِيمَةِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ نُقْصَانٌ فَيُؤْمَرُ بِإِمْلَاءِ الْحُفْرَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَلَا يُؤْمَرُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْآخَرِينَ (الْخَانِيَّةُ) .

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ، النُّقْصَانُ الَّذِي يَحْصُلُ بِفِعْلِ آخَرَ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَعَلَيْهِ إذَا وُجِدَ نُقْصَانٌ بِفِعْلِ آخَرَ غَيْرِ الْغَاصِبِ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَصَاحِبُهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَلَيْسَ لِهَذَا الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٠ ١ ٩) (الطَّحْطَاوِيُّ) .

الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: النُّقْصَانُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ حَيَوَانًا وَمَرِضَ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَرَدَّهُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَمَاتَ فِي يَدِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ النُّقْصَانِ الَّذِي أَوْرَثَهُ إيَّاهُ الْمَرَضُ. وَلَا يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَتِهِ. لِأَنَّ الْأَلَمَ يَحْصُلُ فِي الْمَرَضِ جُزْءًا فَجُزْءًا وَتَأْثِيرُ مَجْمُوعِ الْآلَامِ يَكُونُ سَبَبًا لِلْوَفَاةِ (الْجَوْهَرَةُ) . لِذَلِكَ لَوْ حَصَلَ لِلْحِمَارِ الْمَغْصُوبِ قُرْحَةٌ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَصَارَ أَعْرَجَ فَإِذَا كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى السَّيْرِ مَعَ الْعَرَجِ فَيَلْزَمُ ضَمَانُ قِيمَةِ النُّقْصَانِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِرًا عَلَى السَّيْرِ مُطْلَقًا لَزِمَ ضَمَانُ كُلِّ قِيمَتِهِ (التَّنْقِيحُ) .

وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّهُ مَعَ كَوْنِ الْغَاصِبِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ مَسْئُولًا عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>