نُقْصَانِ الْقِيمَةِ.
وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ الشَّخْصُ الثَّالِثُ مَسْئُولًا عَنْهُ أَيْضًا كَذَلِكَ إذَا طَرَأَ نُقْصَانٌ بِتَمْزِيقِ أَحَدِ الثِّيَابِ الَّتِي غَصَبَهَا فَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ الْمُتَرَتِّبُ يَسِيرًا يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ بَالِغًا رُبْعَ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ فَالْغَاصِبُ يُعِيدُ الثِّيَابَ الْمَغْصُوبَةَ مُمَزَّقَةً وَيَضْمَنُ نُقْصَانَ قِيمَتِهَا أَيْضًا وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَتْرُكَ الثِّيَابَ وَلَا يُطَالِبَ بِكُلِّ قِيمَتِهَا. لِأَنَّ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ تُعَدُّ مَوْجُودَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِنَّمَا الْغَاصِبُ قَدْ عَيَّبَهَا. وَالثِّيَابُ كَمَا تَشْمَلُ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تُلْبَسُ كَالْقَمِيصِ والقنباز وَالْمِعْطَفِ كَذَلِكَ تَشْمَلُ الْأَشْيَاءَ الَّتِي لَا تُلْبَسُ، كَالْقُمَاشِ وَالْجُوخِ وَالطَّيْلَسَانِ وَمَا يُشْبِهُهَا (الطَّحْطَاوِيُّ، أَبُو السُّعُودِ) . إذَا خَرَقَ رَجُلٌ طَيْلَسَانَ رَجُلٍ ثُمَّ رَفَاهُ يُقَوَّمُ صَحِيحًا وَمَرْفُوًّا وَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ الْحَاصِلُ نُقْصَانًا فَاحِشًا يَعْنِي إذَا كَانَ مُسَاوِيًا لِرُبْعِ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ أَوْ أَزْيَدَ مِنْ رُبْعِ قِيمَتِهِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ. إنْ شَاءَ ضَمِنَ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ وَأَخَذَ الثِّيَابَ (الْبَهْجَةُ، الشُّرُنْبُلَالِيُّ) وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ ذَلِكَ الْمَالَ لِلْغَاصِبِ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ تَامَّةً لِأَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُسْتَهْلَكٌ وَغَيْرُ مَوْجُودٍ مِنْ وَجْهٍ، حَيْثُ إنَّ تِلْكَ الثِّيَابَ لَا تَصْلُحُ بَعْدَ الْخَرْقِ لِجَمِيعِ مَا كَانَتْ تَصْلُحُ لَهُ قَبْلَ الْخَرْقِ. وَمَوْجُودٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. لِأَنَّ الثِّيَابَ قَائِمَةٌ حَقِيقَةً وَبَعْضُ مَنَافِعِهَا مَوْجُودَةٌ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَضْمَنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مُسْتَهْلِكًا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ عَيْنًا وَضَمِنَ الْغَاصِبُ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ بِاعْتِبَارِ الْمَغْصُوبِ مَوْجُودًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي، الْعَيْنِيُّ) .
وَإِذَا ضَمِنَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الثِّيَابِ تَامَّةً كَانَتْ الثِّيَابُ لِلْغَاصِبِ. لِأَنَّ صَاحِبَهُ لَمَّا مَلَكَ الْقِيمَةَ مَلَكَ الْغَاصِبُ بَدَلَهَا حَتَّى لَا يَجْتَمِعَ فِي مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْبَدَلَانِ (الْجَوْهَرَةُ) .
إيضَاحُ قُيُودِ هَذَا الْمِثَالِ:
١ - الثِّيَابُ: هَذَا التَّعْبِيرُ قَدْ وَرَدَ عَلَى طَرِيقِ الْمِثَالِ وَيَجْرِي الْحُكْمُ الْمُبَيِّنُ فِي هَذَا الْمِثَالِ فِي كُلِّ عَيْنٍ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) كَالشَّجَرِ، وَالْحَيَوَانِ، وَالسِّكِّينِ، وَالْعَصَا. الشَّجَرُ - لَوْ قَطَعَ أَحَدٌ مِنْ شَجَرِ الْآخَرِ أَغْصَانًا يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ الْحَاصِلُ فَاحِشًا ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَةِ الشَّجَرِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ النُّقْصَانُ فَاحِشًا ضَمِنَ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ فَقَطْ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْحَيَوَانُ - لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ حَيَوَانَهُ فَقَطَعَ أُذُنَهُ أَوْ أُذُنَيْهِ الِاثْنَتَيْنِ كَانَ ضَامِنًا نُقْصَانَ قِيمَتِهِ أَمَّا لَوْ قَطَعَ الْغَاصِبُ يَدَيْ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ اللَّحْمِ وَرِجْلَيْهِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْحَيَوَانَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهُ وَتَرَكَهُ لِلْغَاصِبِ. لِأَنَّ قَطْعَ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ إتْلَافٌ مِنْ وَجْهٍ وَتَفُوتُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ بَعْضُ الْأَغْرَاضِ وَالْمَقَاصِدِ كَالْحَمْلِ وَالدَّرِّ وَالنَّسْلِ (الزَّيْلَعِيّ، أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . وَمَنْ وَجْهٍ آخَرَ لَيْسَ بِإِتْلَافٍ بَلْ تَعْيِيبٌ بِسَبَبِ وُجُودِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ كَالِانْتِفَاعِ بِاللَّحْمِيَّةِ وَالْجِلْدِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٨٩٩) .
السِّكِّينُ - لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ سِكِّينَ آخَرَ بِلَا إذْنِهِ وَانْكَسَرَتْ وَهِيَ فِي يَدِهِ وَطَرَأَ نُقْصَانٌ فَاحِشٌ عَلَى قِيمَتِهَا كَانَ مَالِكُهَا مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَخَذَ السِّكِّينَ مَكْسُورَةً وَضَمِنَ الْغَاصِبُ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ السِّكِّينَ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ كُلَّ قِيمَتِهِ (الْخَيْرِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute