للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ حُكْمِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ]

وَحُكْمُ غَاصِبِ الْغَاصِبِ هَكَذَا أَيْضًا. فَلَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مَالَ آخَرَ فَغَصَبَهُ مِنْهُ شَخْصٌ آخَرُ أَيْضًا وَغَصَبَهُ مِنْ هَذَا آخَرُ غَيْرُهُ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ وَإِنْ شَاءَ الثَّانِي أَوْ الثَّالِثَ، وَيَجْرِي سَائِرُ أَحْكَامِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فِي هَذَا الْغَصْبِ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ فَقَدْ اكْتَفَتْ الْمَجَلَّةُ بِذَكَرِ مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ لِغَاصِبِ الْغَاصِبِ. (مَادَّةُ ٩١٠) - (غَاصِبُ الْغَاصِبِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ فَإِذَا غَصَبَ مِنْ الْغَاصِبِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ شَخْصٌ آخَرُ وَأَتْلَفَهُ أَوْ تَلَفَ فِي يَدِهِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ الْغَاصِبَ الثَّانِي وَلَهُ أَنْ يَضْمَنَ مِقْدَارًا مِنْهُ الْأَوَّلُ وَالْمِقْدَارَ الْآخَرَ الثَّانِي. وَبِتَقْدِيرِ تَضْمِينِهِ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ فَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي وَأَمَّا إذَا ضَمَّنَهُ الثَّانِي فَلَيْسَ لِلثَّانِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَوَّلِ) . إنَّ غَاصِبَ الْغَاصِبِ مِنْ حَيْثُ تَرَتُّبِ الْإِثْمِ وَالضَّمَانِ هُوَ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ نَفْسِهِ. أَيْ كَمَا أَنَّ الْغَاصِبَ مَسْئُولٌ تُجَاهَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مِنْ أَجْلِ الْغَصْبِ فَغَاصِبُ الْغَاصِبِ مَسْئُولٌ أَيْضًا تُجَاهَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ، فَضْلًا عَنْ أَنَّهُ مَسْئُولٌ وَمُؤَاخَذٌ تُجَاهَ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ. الْفَرْقُ بَيْنَ ضَمَانِ الْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ: لَكِنْ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَيْنِ الضَّمَانَيْنِ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَأَرَادَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ تَضْمِينَ قِيمَتِهِ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ ضَمَّنَهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٨٩١) قِيمَتَهُ فِي زَمَانِ الْغَصْبِ وَمَكَانِهِ.

أَمَّا إذَا أَرَادَ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ الثَّانِي ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ وَقْتَ غَصْبِهِ إيَّاهُ مِنْ الْغَاصِبِ وَقَبَضَهُ مِنْهُ. وَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَقْتَ غَصْبِ وَقَبْضِ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ إيَّاهُ. وَقَدْ صَارَ إيضَاحُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٩٠٣) . مَثَلًا لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ مَالًا فِي مُحَرَّمٍ وَهُوَ يُسَاوِي مِائَةَ قِرْشٍ فَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ فِي صَفَرٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَهُوَ يُسَاوِي خَمْسِينَ قِرْشًا فَيَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ غَاصِبًا لِلْغَاصِبِ وَيَكُونُ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا إذَا تَلَفَ الْمَالُ فِي يَدِهِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْغَصْبِ يَعْنِي خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْبَيْعُ جَائِزًا وَالثَّمَنُ لِلْغَاصِبِ. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِي خَمْسِينَ قِرْشًا. وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ الَّذِي أَعْطَاهُ لِلْغَاصِبِ، وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ قِيمَتِهِ. وَقَدْ وُضِّحَتْ مَسْأَلَةُ الْبَيْعِ هَذِهِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٩٠) (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ اغْتَصَبَ أَحَدٌ فَرَسًا لِآخَرَ يُسَاوِي أَلْفَ قِرْشٍ فَصَعَدَ قِيمَتَهَا وَهِيَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ إلَى أَلْفَيْ قِرْشٍ فَأَتْلَفَهَا آخَرُ حِينَئِذٍ كَانَ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ أَلْفَ قِرْشٍ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْغَصْبِ وَفِي هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>