للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّورَةِ لِلْغَاصِبِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُتْلِفَ أَلْفَيْ قِرْشٍ. لَكِنَّ الْأَلْفَ الزَّائِدَةَ يَتَصَدَّقُ بِهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ حَلَالٍ لِلطَّرَفَيْنِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُتْلِفَ أَلْفَيْ قِرْشٍ قِيمَتَهَا وَقْتَ الْإِتْلَافِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْغَصْبِ) . بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ غَصَبَ شَخْصٌ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ وَأَتْلَفَهُ أَوْ تَلَفَ فِي يَدِهِ بِتَعَدِّيهِ أَوْ بِلَا تَعَدِّيهِ أَوْ ضَاعَ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ بَدَلَهُ يَوْمَ أَخَذَهُ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَفِي مَحِلِّهِ تَمَامًا وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الثَّانِيَ بَدَلَهُ يَوْمَ أَخَذَهُ مِنْ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَفِي مَحِلِّهِ تَمَامًا أَيْضًا. وَإِذَا أَرَادَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ الثَّانِي فَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ عَنْ تَأْدِيَةِ بَدَلِ الضَّمَانِ بِقَوْلِهِ أَقِمْ دَعْوَاكَ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ (الْبَهْجَةُ) .

وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ مِقْدَارًا مِنْ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ أَوْ مِثْلِهِ أَيْ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ قَلِيلًا مِنْ الْبَدَلِ يَوْمَ وَمَكَانَ الْغَصْبِ وَضَمَّنَ الْمِقْدَارَ الْبَاقِي أَيْ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الثَّانِي بَدَلَهُ يَوْمَ وَمَكَانَ غَصْبِ الْغَاصِبِ الثَّانِي إيَّاهُ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِغَاصِبِ الْغَاصِبِ فِي ذِمَّةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَالٌ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الثَّانِي. لِأَنَّ كِلَيْهِمَا غَاصِبَانِ، فَإِذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ لَا يَبْرَأُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مِنْ دَيْنِ الْغَاصِبِ الثَّانِي، أَمَّا إذَا ضَمِنَ الْغَاصِبُ الثَّانِي وَقَعَ التَّقَاصُّ الْجَبْرِيُّ بِدَيْنِهِ وَبَرِئَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ (الْخَانِيَّةُ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ:

١ - بِالْغَصْبِ، لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ عَلَى أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَانَ ذَلِكَ غَاصِبًا لِلْغَاصِبِ (التَّنْقِيحُ، الْبَزَّازِيَّةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . ٢ - الْإِتْلَافُ، وَالتَّلَفُ، هَذَانِ الْقَيْدَانِ لَيْسَا احْتِرَازِيَّيْنِ. فَلَوْ أَحْدَثَ شَخْصٌ غَيْرُ الْغَاصِبِ شَيْئًا مِنْ النُّقْصَانِ فِي قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْجَانِي أَيْ ضَمَّنَ ذَلِكَ الشَّخْصَ وَلَيْسَ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ الرُّجُوعُ عَلَى أَحَدٍ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ وَهُوَ يَرْجِعُ أَيْضًا عَلَى الْجَانِي. مِثَالٌ لِلْإِتْلَافِ: إذَا رَكِبَ أَحَدٌ عَلَى ظَهْرِ دَابَّةِ غَيْرِهِ فَلَمْ يُحَرِّكْهَا وَلَمْ يُحَوِّلْهَا مِنْ الْمَوْضِعِ الْمَوْجُودَةِ فِيهِ وَلَمْ يَتَرَتَّبْ ضَرَرٌ مَا عَلَى ذَلِكَ وَجَحَدَهَا عَلَى صَاحِبِهَا أَوْ امْتَنَعَ عَنْ تَسْلِيمِهَا لَدَى طَلَبِهِ إيَّاهَا فَجَاءَ أَحَدٌ مَا وَعَقَرَهَا فَلِصَاحِبِ الدَّابَّةِ تَضْمِينُ مَنْ شَاءَ مِنْ الرَّاكِبِ وَالْعَاقِرِ (الْخَانِيَّةُ) .

كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا فِي يَدِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ عَيْنًا فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ عَلَى غَاصِبِ الْغَاصِبِ. وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْغَاصِبِ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى. يَعْنِي لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى غَاصِبِ الْغَاصِبِ بِقَوْلِهِ إنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ مِلْكِي وَقَدْ غَصَبَهُ فُلَانٌ الْغَائِبُ وَأَنْتَ غَصَبْته مِنْهُ (الْفَيْضِيَّةُ) . إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا فِي يَدِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَلِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْغَاصِبِ بِبَدَلٍ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (١٧٣٥) . تَضْمِينُ الْآخَرِ بَعْدَ اخْتِيَارِ تَضْمِينِ وَاحِدٍ مِنْ الْغَاصِبِ أَوْ غَاصِبِ الْغَاصِبِ: ٣ - إنْ شَاءَ، وَعَلَيْهِ إذَا أَخَذَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَالْغَاصِبِ الثَّانِي كَانَ الْآخَرُ بَرِيئًا. وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ الْغَاصِبِ الْآخَرِ بَعْدَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (٦٥١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>