إذَا أَخَذَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ الْمَالَ عَلَى وَجْهِ الشِّرَاءِ وَسَمَّى لَهُ ثَمَنًا وَتَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ لِلْبَائِعِ قِيمَةَ الْمُشْتَرَى بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٢٩٨) .
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ لِلْمُوَكِّلِ أَمْرٌ بِالْأَخْذِ عَلَى وَجْهِ سَوْمِ الشِّرَاءِ رَجَعَ الْوَكِيلُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِالْبَدَلِ الَّذِي ضَمِنَهُ وَإِلَّا فَلَا (الْبَحْرُ) . لَكِنْ إذَا حَبَسَهُ الْوَكِيلُ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ وَتَلِفَ أَوْ ضَاعَ فِي تِلْكَ الْحَالِ عَادَتْ الْخَسَارَةُ الْوَاقِعَةُ إلَى الْوَكِيلِ وَلَزِمَ الْوَكِيلُ إعْطَاءَ الثَّمَنِ.
هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ قَبِيلِ الْمَادَّتَيْنِ (٢٧٨ و ٢٩٣) وَعَلَيْهِ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ. سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُشْتَرَى مُسَاوِيَةً لِثَمَنِهِ أَوْ لَا هَذِهِ الْفِقْرَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الطَّرَفَيْنِ أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَمَضْمُونٌ بِضَمَانِ الرَّهْنِ فَيَهْلَكُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ رَجَعَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ الْفَضْلِ عَلَى مُوَكِّلِهِ. وَعِنْدَ زُفَرَ أَنَّهُ مَضْمُونٌ بِضَمَانِ الْغَصْبِ (الْبَحْرُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَتَعْبِيرُ (تَلِفَ أَوْ ضَاعَ) لِلِاحْتِرَازِ عَنْ التَّعَيُّبِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ إذَا حَبَسَ الْمُشْتَرَى لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَتَعَيَّبَ فِي يَدِهِ فَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَا تُقَابِلُ الْأَوْصَافُ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ. لَكِنَّ الْمُوَكِّلَ مُخَيَّرٌ. إنْ شَاءَ قَبِلَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِلْوَكِيلِ (الْبَحْرُ، الطَّحْطَاوِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَيُتَبَيَّنُ مِنْ عِبَارَةِ (لَكِنْ لَوْ حَبَسَهُ الْوَكِيلُ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَتَلِفَ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَوْ ضَاعَ) أَنَّ لُزُومَ الثَّمَنِ الْوَكِيلَ نَتِيجَةٌ لِحَبْسِ الْمُشْتَرَى وَعَلَيْهِ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ أَحَدًا بِشِرَاءِ مَالٍ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَاشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ وَأَوْفَى الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ مِنْ مَالِهِ فَأَعْطَى الْمُوَكِّلَ خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ قَبْلَ أَنْ يَحْبِسَ الْوَكِيلُ الْمُشْتَرَى لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَتَلِفَ الْمُشْتَرَى الْمَذْكُورُ بَعْدَ أَنْ طَلَبَ مِنْ طَرَفِ الْمُوَكِّلِ وَحَبَسَ الْوَكِيلُ إيَّاهُ لِاسْتِيفَاءِ بَقِيَّةِ الثَّمَنِ كَانَتْ الْخَمْسُمِائَةِ الَّتِي أَعْطَاهَا الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ. وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِالْخَمْسِمِائَةِ الْبَاقِيَةِ. أَمَّا لَوْ أَعْطَى الْمُوَكِّلُ الْخَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ بَعْدَ أَنْ حَبَسَ الْوَكِيلُ الْمُشْتَرَى لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَتَلِفَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلْمُوَكِّلِ لِأَخْذِ الْبَاقِي عَادَتْ الْخَسَارَةُ كُلُّهَا عَلَى الْوَكِيلِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّ إلَى مُوَكِّلِهِ الْخَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ (الْهِنْدِيَّةُ) قَدْ اسْتَعْمَلَ هُنَا تَعْبِيرَ (الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ) وَقَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٤٥٩) أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْوَكِيلِ بِالِاسْتِئْجَارِ مُمَاثِلٌ لِحُكْمِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ وَلَوْ كَانَ وَكِيلًا بِالِاسْتِئْجَارِ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ الدَّارَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهَا عَنْ الْمُوَكِّلِ بِالْأُجْرَةِ وَلَوْ شَرَطَ تَعْجِيلَهَا. فَإِنْ حَبَسَهَا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ فَقِيلَ: الْأَجْرُ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَقِيلَ سَقَطَ عَنْ الْمُوَكِّلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
[ (الْمَادَّةُ ١٤٩٣) لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَنْ يُقِيلَ الْبَيْعَ بِدُونِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ]
الْمَادَّةُ (١٤٩٣) - (لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَنْ يُقِيلَ الْبَيْعَ بِدُونِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ) . ضَابِطٌ: مَنْ يَمْلِكُ إنْشَاءَ الْعَقْدِ يَمْلِكُ إقَالَتَهُ أَيْضًا. يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الضَّابِطِ خَمْسُ مَسَائِلَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute