للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ وَالْقَرِينَةُ لِقَصْدِ التَّعْجِيلِ مَعْدُومَةٌ بِذِكْرِ الْوَقْتِ، فَوَجَبَ أَنْ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ لِلْجَهْلِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ ذِكْرَ الْعَمَلِ يُوجِبُ عَدَمَ وُجُوبِ الْأُجْرَةِ مَا لَمْ يَعْمَلْ. وَذِكْرُ الْوَقْتِ يُوجِبُ وُجُوبَهَا عِنْدَ تَسْلِيمِ النَّفْسِ فِي الْمُدَّةِ. فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْعَمَلُ هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ كَانَ نَافِعًا لِلْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّ إعْطَاءَ الْأُجْرَةِ إنَّمَا يَلْزَمُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ. وَإِذَا كَانَ الْوَقْتُ هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ كَانَ نَافِعًا لِلْأَجِيرِ لِأَنَّ الْأَجِيرَ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِمُرُورِ الْمُدَّةِ سَوَاءٌ أَوْفَى الْعَمَلَ أَوْ لَمْ يُوفِهِ. وَبِمَا أَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَهَذَا الْعَقْدُ مُؤَدٍّ إلَى النِّزَاعِ.

لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْعَقْدُ هُنَا وَاقِعًا عَلَى الْعَمَلِ وَذُكِرَ الْوَقْتُ لِلِاسْتِعْجَالِ فَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ الْعَقْدُ وَرُفِعَتْ الْجَهَالَةُ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ (الزَّيْلَعِيّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْكَنْزِ أَوْ لِيَخْبِزَ لَهُ كَذَا، الْيَوْمَ، بِدِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ) .

مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ الْخَيَّاطَ ثِيَابًا عَلَى أَنْ يُفَصِّلَهَا وَيَخِيطَهَا هَذَا الْيَوْمَ أَيْ لِيُنْجِزَ خِيَاطَتَهَا أَوْ اكْتَرَى أَحَدٌ دَلِيلًا بِشَرْطِ أَنْ يُوصِلَهُ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ إلَى مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ يَجُوزُ الْإِجَارَةُ.

وَقَدْ جَمَعَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى بَيْنَ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ، وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ بَيْنَ الْمُدَّةِ وَالْمَسَافَةِ وَالْعَمَلِ.

فَإِذَا خَاطَ الْخَيَّاطُ الثَّوْبَ فِي الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ وَأَنْجَزَهُ وَأَوْصَلَهُ الدَّلِيلُ إلَى مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ فِي الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى.

وَكَذَلِكَ لَوْ فَرَغَ الْعَمَلُ فِي مُنْتَصَفِ الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ كَأَنْ يُنْجِزَ الْخَيَّاطُ خِيَاطَةَ الثَّوْبِ ظُهْرَ الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ أَخَذَ الْأَجِيرُ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى لِأَنَّ الْعَقْدَ صَارَ وَارِدًا عَلَى الْعَمَلِ وَإِذَا لَمْ يَفِ الْأَجِيرُ أَوْ الْآجِرُ الْعَمَلَ حَسَبَ الشَّرْطِ أَخَذَ أَجْرَ الْمِثْلِ عَلَى أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٤٦٢) .

وَإِذَا تَبَاطَأَ الْأَجِيرُ عَنْ الْقِيَامِ بِالْعَمَلِ فِي الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ مَعَ مُطَالَبَةِ الْمُسْتَأْجِرِ ذَلِكَ مِرَارًا وَسُرِقَتْ مِنْهُ ضَمِنَ.

أَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ فِي إيرَادِ ذَلِكَ الشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْأَجِيرِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الشَّرْطَ وَالضَّمَانَ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) وَقَدْ جَاءَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ وَلَوْ أَنَّ الْخَيَّاطَ لَمْ يَخِطْ الثِّيَابَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطَالَبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِرَارًا وَتَمَاهَلَ وَلَمْ يَعْمَلْ حَتَّى سُرِقَتْ الثِّيَابُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا قَالَهُ (شَمْسُ الْأَئِمَّةِ) .

وَاسْتَفْتَيْت أَئِمَّةَ بُخَارَى عَنْ قَصَّارٍ شُرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْرُغَ الْيَوْمَ مِنْ الْعَمَلِ فَلَمْ يَفْرُغْ وَتَلِفَ الثَّوْبُ فِي الْغَدِ أَجَابُوا يَضْمَنُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ الْقَصَّارُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الشَّرْطَ وَالضَّمَانَ وَالْآخَرُ يَدَّعِيهِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .

وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَتِلْوِهَا خِيَارُ الشَّرْطِ الَّذِي جَاءَ حُكْمُهُ فِي الْمَادَّةِ (٤٩٨) وَإِنَّمَا هُمَا عِبَارَةٌ عَنْ إجَارَةٍ بِشَرْطٍ وَقَدْ وُضِعَتَا تَحْتَ عُنْوَانٍ خَاصٍّ كَنَظَائِرِهِمَا فِي الْبَيْعِ.

لَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ تَرْدِيدٌ قَطُّ بِخِلَافِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا.

[ (الْمَادَّةُ ٥٠٦) يَصِحُّ تَرْدِيدُ الْأُجْرَةِ عَلَى صُورَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ]

(الْمَادَّةُ ٥٠٦) يَصِحُّ تَرْدِيدُ الْأُجْرَةِ عَلَى صُورَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ فِي الْعَمَلِ وَالْعَامِلِ وَالْحَمْلِ وَالْمَسَافَةِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَيَلْزَمُ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ عَلَى مُوجِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>