[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ]
إنَّ الْمَوَادَّ الَّتِي فِي هَذَا الْفَصْلِ هِيَ فِي حَقِّ الْإِتْلَافِ تَسَبُّبًا أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَادَّةَ (٩٢٨) لَيْسَتْ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا الْعِنْوَانِ.
وَالْمُرَادُ بِالطَّرِيقِ الْعَامِّ هُنَا الطَّرِيقُ الْوَاقِعُ فِي الْقُرَى وَالْأَمْصَارِ وَلَيْسَ الطَّرِيقَ الْعَامَّ الْوَاقِعَ فِي الْمَفَازَةِ وَالصَّحْرَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ فِي مُحَجَّةِ الطَّرِيقِ فِي الصَّحْرَاءِ أَيْ: فِي مَحَلِّ مُرُورِ النَّاسِ مِنْهُ بِئْرًا مَثَلًا وَتَلِفَ بِسَبَبِهَا شَيْءٌ لَزِمَ الضَّمَانُ.
أَمَّا إذَا أَحْدَثَ الْبِئْرَ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الطَّرِيقِ الْوَاسِعِ مِنْ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ اتِّسَاعِهِ يُمْكِنُ الْعُدُولُ عَنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ الْبِئْرُ وَالْمُرُورُ مِنْ الْجِهَةِ الْخَالِيَةِ مِنْهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالطَّحْطَاوِيُّ) (الْمَادَّةُ ٩٢٦) (لِكُلِّ أَحَدٍ حَقُّ الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ لَكِنْ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ يَعْنِي: أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَضُرَّ غَيْرَهُ بِالْحَالَاتِ الَّتِي يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهَا فَلَوْ سَقَطَ عَنْ ظَهْرِ الْحَمَّالِ حِمْلٌ أَتْلَفَ مَالَ أَحَدٍ يَكُونُ الْحَمَّالُ ضَامِنًا وَكَذَا إذَا أَحْرَقَتْ شَرَارَةٌ ثِيَابَ أَحَدٍ كَانَ مَارًّا فِي الطَّرِيقِ وَكَانَتْ الشَّرَارَةُ الَّتِي طَارَتْ مِنْ دُكَّانِ الْحَدَّادِ حِينَ ضَرْبِهِ الْحَدِيدَ يَضْمَنُ الْحَدَّادُ ثِيَابَ الْمَارِّ) .
يَعْنِي أَنَّ لِأَهَالِي الْحَيِّ أَوْ الْبَلَدِ حَقَّ الْمُرُورِ مِنْ الطَّرِيقِ الَّذِي فِي الْحَيِّ أَوْ الْبَلَدِ كَمَا أَنَّ لِأَهَالِي حَيٍّ أَوْ بَلَدٍ آخَرَ حَقَّ الْمُرُورِ مِنْهُ أَيْضًا.
وَقَدْ بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ لِكُلٍّ حَقَّ الْمُرُورِ مِنْهُ رَاجِلًا كَمَا قَدْ بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (٩٣٢) أَنَّ لِكُلٍّ الْمُرُورَ مِنْهُ بِحَيَوَانِهِ لَكِنَّ حَقَّ هَذَا الْمُرُورِ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ يَعْنِي: أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَضُرَّ أَحَدٌ غَيْرَهُ فِي الْحَالَاتِ الَّتِي يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهَا وَاجْتِنَابُهَا؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْعَامَّ مِلْكٌ مُشْتَرَكٌ لِعُمُومِ النَّاسِ وَعَلَيْهِ فَيُعَدُّ الْمَارُّ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ كَصَاحِبِ حِصَّةٍ فِيهِ وَهُوَ مِنْ وَجْهٍ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَيَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ حَقِّ الطَّرَفَيْنِ وَالْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا لِذَلِكَ أُعْطِيَ حَقُّ الْمُرُورِ لِكُلِّ أَحَدٍ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ أَمَّا فِي الْحَالَاتِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهَا فَلَا يُسْأَلُ عَنْ شَرْطٍ كَهَذَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَأَلَ عَنْهُ فِي الْحَالَاتِ الْمَذْكُورَةِ؛ لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى مَنْعِ الْمُرُورِ مِنْ الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ الْمُرُورُ مِنْ الطَّرِيقِ الْعَامِّ مُقَيَّدًا فِي الْحَالَاتِ الَّتِي يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهَا بِشَرْطِ عَدَمِ الْإِضْرَارِ بِغَيْرِهِ، فَلَوْ سَقَطَ الْحِمْلُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ فَوْقِ ظَهْرِ الْحَمَّالِ أَوْ رَأْسِهِ فَأَتْلَفَ مَالًا لِآخَرَ سَوَاءٌ أَتَلِفَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ بِتَدَحْرُجِ الْحِمْلِ عَلَيْهِ كَسُقُوطِهِ عَلَى أَوَانِي الزُّجَاجِ وَكَسْرِهِ إيَّاهَا أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute