للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ (الْمَادَّةُ ٨١١) تَعْيِينُ الْمُسْتَعَارِ]

(الْمَادَّةُ ٨١١) :

يَلْزَمُ تَعْيِينُ الْمُسْتَعَارِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَعَارَ شَخْصٌ إحْدَى دَابَّتَيْنِ بِدُونِ تَعْيِينٍ وَلَا تَخْيِيرٍ لَا تَصِحُّ الْإِعَارَةُ بَلْ يَلْزَمُ أَنْ يُعَيِّنَ الْمُعِيرُ الدَّابَّةَ الَّتِي يُرِيدُ إعَارَتَهَا مِنْهُمَا لَكِنْ إذَا خَيَّرَهُ قَائِلًا خُذْ أَيَّهُمَا شِئْت عَارِيَّةً صَحَّتْ الْعَارِيَّةُ.

يَلْزَمُ تَعْيِينُ الْمُسْتَعَارِ أَوْ تَخْيِيرُ الْمُعِيرِ الْمُسْتَعِيرَ؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ عَيْنِ الْمُسْتَعَارِ تُخِلُّ بِصِحَّةِ الْإِعَارَةِ.

بِنَاءً عَلَيْهِ تَصِحُّ الْإِعَارَةُ بِدُونِ تَعَيُّنِ الزَّمَانِ وَالْمَنْفَعَةِ وَالْمُنْتَفِعِ كَمَا يُسْتَفَادُ أَيْضًا مِنْ الْمَادَّةِ (٨١٦) . مَثَلًا لَوْ أَعَارَ شَخْصٌ إحْدَى دَابَّتَيْنِ بِدُونِ تَعْيِينٍ وَلَا تَخْيِيرٍ لَا تَصِحُّ الْإِعَارَةُ بَلْ يَلْزَمُ أَنْ يُعَيِّنَ الْمُعِيرُ الدَّابَّةَ الَّتِي يُرِيدُ إعَارَتَهَا مِنْهُمَا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْمُسْتَعِيرُ دَابَّةً بِنَاءً عَلَى الْإِعَارَةِ الْوَاقِعَةِ بِلَا تَعْيِينٍ وَلَا تَخْيِيرٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَعْنِي مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُعِيرُ: اذْهَبْ إلَى إصْطَبْلِي فَتَجِدُ فِيهِ فَرَسَيْنِ فَخُذْ أَحَدَهُمَا، وَقَصَدَ الْمُسْتَعِيرُ إلَى الْإِصْطَبْلِ وَأَخَذَ أَحَدَ الْفَرَسَيْنِ كَانَ غَاصِبًا. لَكِنْ إذَا قَالَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ: خُذْ أَيَّهُمَا شِئْت عَارِيَّةً وَخَيَّرَهُ صَحَّتْ الْعَارِيَّةُ فَلَوْ أَخَذَ الْمُسْتَعِيرُ بِنَاءً عَلَى هَذَا التَّخْيِيرِ أَحَدَ الْفَرَسَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ كَانَ جَائِزًا وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ هَذَا الْأَخْذُ فِي حُكْمِ الْغَصْبِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ فِيمَا لَوْ هَلَكَ الْفَرَسُ الْمُعَارُ فِي يَدِهِ قَدْ قُصِدَ بِفَقْرِهِ (وَلَكِنْ إذَا خَيَّرَهُ قَائِلًا خُذْ أَيَّهُمَا شِئْت) بَيَانُ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ.

فِي جَوَازِ إعَارَةِ الْمُشَاعِ.

لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَعَارُ غَيْرَ مُشَاعٍ.

وَعَلَيْهِ فَإِعَارَةُ الْمُشَاعِ صَحِيحَةٌ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِعَارَةُ لِلشَّرِيكِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ كَذَلِكَ يَجُوزُ إعَارَةُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ لِشَخْصَيْنِ مُنَاصَفَةً أَوْ ثَلَاثًا. وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِعَارَةُ لِشَخْصَيْنِ جُمْلَةً كَقَوْلِ الْمُعِيرِ: أَعَرْتُكُمَا مَالِي هَذَا، أَمْ مُفَصَّلَةً كَقَوْلِ: أَعَرْتُك نِصْفَ مَالِي هَذَا وَأَعَرْت هَذَا النِّصْفَ لِلْآخَرِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَمَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ حَتَّى جَازَتْ إعَارَةُ الْمُشَاعِ وَلَمْ يَجُزْ إجَارَتُهُ؟ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (٤٢٩) أَنَّ إجَارَةَ الْمُشَاعِ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ لَيْسَتْ جَائِزَةً وَعَلَيْهِ يُلْزِمُنَا ذَلِكَ أَنْ نَبْحَثَ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ. وَلَمَّا كَانَتْ الْإِجَارَةُ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَإِذَا امْتَنَعَ الْمُؤَجِّرُ عَنْ تَسْلِيمِ الْمُسْتَأْجَرِ فَيَجِبُ إجْبَارُهُ عَلَى تَسْلِيمِهِ. وَمَتَى كَانَ الْمَأْجُورُ مُشَاعًا فَيَلْزَمُ تَسْلِيمُ غَيْرِ الْمَأْجُورِ مَعَ الْمَأْجُورِ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ أَمَّا الْإِعَارَةُ فَبِمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَلَوْ تَسَلَّمَ الْمُعِيرُ بِرِضَاهُ غَيْرَ الْمَأْجُورِ أَيْضًا تَمَّتْ الْإِعَارَةُ وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ فَلَا يَبْقَى لِلْإِعَارَةِ حُكْمٌ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمُعَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>