الشَّرَكَ وَالشَّبَكَةَ بِقَصْدِ الصَّيْدِ أَوْ بِلَا قَصْدٍ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ فِي ذَلِكَ الشَّبَكَةُ إنَّمَا تُوضَعُ لِلِاصْطِيَادِ وَيُدْعَى هَذَا أَخْذًا حَكِيمًا وَيُقَابِلُهُ الْأَخْذُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ وَضْعِ الْيَدِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٢٩٧) فَلِذَلِكَ لَوْ جَاءَ آخَرُ وَأَخَذَ الصَّيْدَ الْمَذْكُورَ قَبْلَ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ الشَّبَكَةِ فَلِصَاحِبِ الشَّبَكَةِ اسْتِرْدَادُهُ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ انْعَقَدَ فِي حَقِّ الْأَوَّلِ.
كَذَلِكَ لَوْ أَخَذَ الْمَذْكُورُ ذَلِكَ الصَّيْدَ فَانْطَلَقَ مِنْ يَدِهِ وَفَرَّ ثُمَّ اصْطَادَهُ آخَرُ فَيَجِبُ عَلَى الصَّائِدِ الثَّانِي رَدُّهُ لِصَاحِبِ الشَّبَكَةِ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْأَخْذِ وَانْطِلَاقُهُ بِمَنْزِلَةِ شُرُودِ الْبَعِيرِ، أَمَّا إذَا تَخَلَّصَ الطَّيْرُ مِنْ الشَّبَكَةِ وَأَمْسَكَهُ آخَرُ أَثْنَاءَ فِرَارِهِ كَانَ لَهُ لِأَنَّ السَّبَبَ بَطَلَ قَبْلَ أَخْذِ الثَّانِي فَلِذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّ قَيْدَ " لِلصَّيْدِ " الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا لَكِنْ إذَا نَشَرَ أَحَدٌ شَبَكَتَهُ بِقَصْدِ تَجْفِيفِهَا فِي مَحَلٍّ فَوَقَعَ فِيهَا صَيْدٌ فَلَا يَكُونُ مِلْكًا لَهُ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّيْرِ فِي الشَّبَكَةِ لَمْ يَكُنْ أَخْذًا حَقِيقِيًّا كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَخْذًا حُكْمِيًّا وَلَا يُعَدُّ أَنَّهُ أَخْذٌ لِلصَّيْدِ بِسَبَبِ الشَّرَكِ.
الْخُلَاصَةُ: إنَّ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَ مَسَائِلَ:
١ - أَنْ تُوضَعَ آلَةُ الِاصْطِيَادِ لِلصَّيْدِ.
٢ - أَنْ تُوضَعَ آلَةُ الِاصْطِيَادِ بِلَا نِيَّةٍ أَيْ يَكُونُ وَضْعُهَا لِلِاصْطِيَادِ أَوْ لِمَقْصِدٍ آخَرَ كَالتَّجْفِيفِ.
٣ - أَنْ تُوضَعَ لِمَقْصِدٍ آخَرَ كَالتَّجْفِيفِ.
وَقَدْ بَيَّنْت الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى وَالثَّالِثَةَ فِي الْمَجَلَّةِ، أَمَّا الثَّانِيَةُ وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ فِي الْمَجَلَّةِ إلَّا أَنَّ حُكْمَهَا هُوَ كَحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى.
الْأَخْذُ الْحُكْمِيُّ، يَحْصُلُ بِصَيْدِ الْآلَةِ الْمَوْضُوعَةِ لِلِاصْطِيَادِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ آنِفًا أَوْ بِنَصْبِهَا بِدُونِ أَيِّ نِيَّةٍ وَيَحْصُلُ أَيْضًا بِوَضْعِ وَنَصْبِ آلَةٍ غَيْرِ مَوْضُوعَةٍ لِلِاصْطِيَادِ بِقَصْدِ الِاصْطِيَادِ، أَمَّا إذَا لَمْ تُوضَعْ الْآلَةُ الْغَيْرُ الْمَوْضُوعَةُ لِلِاصْطِيَادِ بِقَصْدِ الِاصْطِيَادِ فَلَا يَمْلِكُ الصَّيْدَ الَّذِي وَقَعَ فِيهَا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٢٥٠) كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ صَيْدٌ فِي حُفْرَةٍ فِي أَرَاضِي أَحَدٍ حَفَرَهَا صَاحِبُ الْأَرْضِ فَيَجُوزُ لِآخَرَ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِأَخْذِهِ، هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا بِدَرَجَةٍ يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْهَا بِمَدِّ يَدِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ قَرِيبًا بِدَرَجَةٍ يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْهَا بِمَدِّ يَدِهِ فَالصَّيْدُ لِصَاحِبِ الْحُفْرَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَفَرَ الْحُفْرَةَ لِلصَّيْدِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالْحَمَوِيُّ وَحَاشِيَةُ الْأَشْبَاهِ فِي أَوَائِلِ الصَّيْدِ) لَكِنْ إذَا حَفَرَ صَاحِبُ الْأَرْضِ تِلْكَ الْحُفْرَةَ لِأَجْلِ الصَّيْدِ فَيَصِيرُ أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ. اُنْظُرْ مَادَّتَيْ " ١٢٥٠ وَ ١٢٤٨ "
[ (الْمَادَّةُ ١٣٠٤) عَشَّشَ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ فِي بُسْتَانِ أَحَدٍ وَبَاضَ فِيهِ]
الْمَادَّةُ (١٣٠٤) - (إذَا عَشَّشَ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ فِي بُسْتَانِ أَحَدٍ وَبَاضَ فِيهِ فَلَا يَكُونُ مِلْكًا لَهُ فَإِذَا أَخَذَ آخَرُ بَيْضَهُ أَوْ نِتَاجَهُ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْبُسْتَانِ اسْتِرْدَادُهُ وَلَكِنْ إذَا هَيَّأَ صَاحِبُ الْبُسْتَانِ بُسْتَانَهُ لِأَجْلِ أَنْ تَبِيضَ وَتَلِدَ الْحَيَوَانَاتُ الْبَرِّيَّةُ فِيهِ فَيَكُونَ بَيْضُ وَنِتَاجُ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي جَاءَتْ وَبَاضَتْ وَأَنْتَجَتْ لَهُ) إذَا عَشَّشَ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ فِي بُسْتَانِ أَحَدٍ أَوْ عَلَى أَشْجَارِهِ وَبَاضَ فِيهِ فَلَا يَكُونُ مِلْكًا لَهُ إذَا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute