للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ الْمُدَاخَلَةُ فِي تَرِكَةِ أَحَدِهِمَا بَعْدَ وَفَاتِهِ وَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الزَّائِدِ عَنْ حِصَّتِهِ الْإِرْثِيَّةِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِزِيَادَةٍ عَنْ الثُّلُثِ لِأَجْلِ حَقِّ الْوَرَثَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَارِثِ الْمَذْكُورِ وَارِثٌ آخَرُ فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ لِلْوَارِثِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ أَنَّ وَضْعَ مَالِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَيْسَ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ بَلْ بِطَرِيقِ الْفَيْءِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي الْفَرَائِضِ) .

مَثَلًا: لَوْ وَهَبَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُ زَوْجَتِهِ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ لَهَا وَسَلَّمَهَا إيَّاهَا وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِأَمِينِ بَيْتِ الْمَالِ أَنْ يَقُولَ لِلزَّوْجَةِ (خُذِي حِصَّتَك الْإِرْثِيَّةَ الرُّبْعَ وَإِنِّي آخِذٌ الثَّلَاثَةَ الْأَرْبَاعَ لِبَيْتِ الْمَالِ) .

[ (الْمَادَّةُ ٨٧٩) وَهَبَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ شَيْئًا لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ]

(الْمَادَّةُ ٨٧٩) إذَا وَهَبَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ شَيْئًا لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ الْبَاقُونَ لَا تَصِحُّ تِلْكَ الْهِبَةُ أَمَّا لَوْ وَهَبَ وَسَلَّمَ لِغَيْرِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ كَانَ ثُلُثُ مَالِهِ مُسَاعِدًا لِتَمَامِ الْمَوْهُوبِ تَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَاعِدًا وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ الْهِبَةَ تَصِحُّ فِي الْمِقْدَارِ الْمُسَاعِدِ وَيَكُونُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مَجْبُورًا بِرَدِّ الْبَاقِي.

لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ شَيْئًا لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ الْمُتَعَدِّدِينَ أَيْ لِمَنْ سَيَكُونُ وَارِثًا لَهُ وَقْتَ مَوْتِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ كَانَتْ هِبَتُهُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْمَذْكُورُونَ هَذِهِ الْهِبَةَ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ كَانَتْ الْهِبَةُ نَافِذَةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٢٤) (الْفَيْضِيَّةُ) .

وَإِذَا تَعَدَّدَتْ الْوَرَثَةُ فَأَجَازَهَا بَعْضُهُمْ وَفَسَخَهَا الْبَعْضُ الْآخَرُ فَتَنْفُذُ فِي حِصَّةِ الْمُجِيزِينَ وَتَنْفَسِخُ عَنْ حِصَّةِ الْفَاسِخِينَ. لَكِنْ يَلْزَمُ لِصِحَّةِ هَذِهِ الْإِجَازَةِ أَنْ يَكُونَ مُعْطِي الْإِجَازَةِ عَاقِلًا بَالِغًا وَصَحِيحًا أَيْ غَيْرَ مَرِيضٍ حَتَّى لَوْ أَجَازَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ هَذِهِ الْهِبَةَ وَكَانَ صَغِيرًا مُمَيِّزًا وَمَجْنُونًا فَلَا تُعْتَبَرُ إجَازَتُهُمْ وَيَأْخُذُ أَوْصِيَاؤُهُمْ حِصَصَهُمْ الْإِرْثِيَّةَ حَتَّى بَعْدَ الْإِجَازَةِ أَيْضًا (الْبَهْجَةُ) .

لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْإِجَازَةُ بَعْدَ وَفَاةِ الْوَاهِبِ إذْ لَا حُكْمَ لِلْإِجَازَةِ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْوَرَثَةِ تَثْبُتُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ الْوَاهِبِ وَلَا حَقَّ لِلْوَرَثَةِ قَبْلَ الْوَفَاةِ حَتَّى يُمْكِنَ إسْقَاطُ ذَلِكَ الْحَقِّ بِالْإِجَازَةِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .

مَثَلًا، لَوْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ الْمَرِيضَةُ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا وَبَعْدَ أَنْ أَجَازَتْ وَرَثَتُهَا هَذِهِ الْهِبَةَ تُوُفِّيَتْ فَلَا تَنْفُذُ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .

لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْوَرَثَةِ فِي الْمَهْرِ الَّذِي وَهَبَتْهُ الْوَرَثَةُ قَبْلَ وَفَاةِ الْمَرْأَةِ مُطْلَقًا، وَتَتَحَقَّقُ حُقُوقُ الْوَرَثَةِ بِصَيْرُورَةِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ مَوْرُوثًا لِلْوَرَثَةِ وَالْإِرْثُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ. وَعَدَمُ نَفَاذِ هَذِهِ الْهِبَةِ هُوَ لِأَجْلِ حُقُوقِ الْوَرَثَةِ وَلَيْسَ نَاشِئًا عَنْ عَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْوَاهِبِ.

وَكَذَلِكَ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَسَائِلِ الْأُصُولِيَّةِ الْمُبَيَّنَةِ فِي شَرْحِ عِنْوَانِ هَذَا الْفَصْلِ فَعَلَيْهِ إذَا وَهَبَ مَرِيضٌ مَالَهُ لِوَارِثِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الْمَرِيضُ أَنَّ هَذِهِ الْهِبَةَ غَيْرُ نَافِذَةٍ لِوُجُودِ وَرَثَةٍ آخَرِينَ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ هَذِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>