للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْإِقْرَارِ] [ (الْمَادَّةُ ١٥٧٢) الْإِقْرَارُ هُوَ إخْبَارُ الْإِنْسَانِ عَنْ حَقٍّ عَلَيْهِ لِآخَرَ]

الْمَادَّةُ (١٥٧٢) - (الْإِقْرَارُ هُوَ إخْبَارُ الْإِنْسَانِ عَنْ حَقٍّ عَلَيْهِ لِآخَرَ، وَيُقَالُ لِذَلِكَ مُقِرٌّ وَلِهَذَا مُقَرٌّ لَهُ وَلِلْحَقِّ مُقَرٌّ بِهِ) .

الْإِقْرَارُ لُغَةً. إثْبَاتُ الشَّيْءِ الْمُتَزَلْزِلِ الْغَيْرِ الْمُسْتَقِرِّ. وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ مَوْجُودٌ أَيْضًا فِي الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ لِلْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْإِقْرَارُ الشَّرْعِيُّ يَكُونُ قَدْ أُثْبِتَ الْحَقُّ الَّذِي كَانَ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ بَيْنَ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ. وَمَعْنَاهُ الشَّرْعِيُّ. هُوَ إخْبَارُ الْإِنْسَانِ عَنْ حَقٍّ عَلَيْهِ لِآخَرَ وَاجِبِ التَّسْلِيمِ لِلْمُقَرِّ لَهُ.

وَبِتَعْبِيرِ عَنْ حَقٍّ عَلَيْهِ لِآخَرَ يَخْرُجُ عَنْ الْإِقْرَارِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ وَالتَّعْلِيقُ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى عِبَارَةٌ عَنْ إخْبَارِ أَحَدٍ عَنْ حَقِّهِ مِنْ آخَرَ، كَمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ هِيَ إخْبَارُ شَخْصٍ عَنْ حَقِّ شَخْصٍ عِنْدَ شَخْصٍ آخَرَ.

وَيُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ (وَاجِبِ التَّسْلِيمِ) أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي يَجِبُ تَسْلِيمُهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ، فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّهُ غَصَبَ مِنْ آخَرَ قَبْضَةَ تُرَابٍ وَحَبَّةَ حِنْطَةٍ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُ ذَلِكَ الْمُقَرِّ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

إلَّا أَنَّهُ إذَا قُيِّدَ التَّعْرِيفُ بِهَذَا الْقَيْدِ فَلَا يَشْمَلُ الْإِقْرَارُ الْحَقَّ الْمُقَرَّ بِهِ الَّذِي هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ، وَلَا يَكُونُ جَامِعًا لِأَفْرَادِهِ.

وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ عِبَارَةِ حَقِّهِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: (١) يَشْمَلُ الْحَقَّ الْمُقَرَّ بِهِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ، وَالْحَقَّ الْمُقَرَّ بِهِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.

إنَّ التَّصَرُّفَاتِ، كَمَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ أُصُولِ الْفِقْهِ، إمَّا أَنْ تَكُونَ إثْبَاتًا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ.

وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ إسْقَاطًا كَالطَّلَاقِ وَالْعَفْوِ وَالْقِصَاصِ.

فَهَذَا التَّعْرِيفُ يَشْمَلُ الْإِقْرَارَ بِالتَّصَرُّفَاتِ الَّتِي هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْإِثْبَاتَاتِ.

مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّ هَذَا الْمَالَ لِفُلَانٍ، وَقَالَ: إنَّنِي مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَكُونُ قَدْ أَخْبَرَ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ حَقٌّ لِذَلِكَ الشَّخْصِ.

كَذَلِكَ لَوْ قَالَ، قَدْ أَخَذْتُ مَطْلُوبِي الْأَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ قَالَ قَدْ أَبْرَأْتُهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ لَكَ بِعَدَمِ وُجُوبِ مُطَالَبَتِهِ بِحَقِّهِ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>