الْمُكْرَهَ، لَكِنَّ الْمُكْرَهَ يَأْثَمُ إثْمَ الْقَاتِلِ، (أَبُو السُّعُودِ) . أُكْرِهَ رَجُلٌ بِالْقَتْلِ عَلَى أَنْ يَقْطَعَ يَدَ نَفْسِهِ، وَسِعَهُ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ أَهْوَنُ مِنْ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْقَطْعَ يَنْتَصِرُ وَلَا يُسْرِي، (الطُّورِيُّ) . فَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ خَاصَمَهُ فِي ذَلِكَ فَعَلَى الْمُجْبِرِ الْقَوَدُ، وَلَوْ أُكْرِهَ بِالْقَتْلِ عَلَى أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ، وَلَوْ قَتَلَ نَفْسَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُجْبِرِ، (الطَّحْطَاوِيُّ مُلَخَّصًا) .
الْحُكْمُ الرَّابِعُ: كَوْنُ عَمَلِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ مُبَاحًا وَمُرَخَّصًا بِهِ، (الدُّرَرُ) فَلَوْ أُكْرِهَ أَحَدٌ إكْرَاهًا مُلْجِئًا عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ فَيُرَخَّصُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ فِي إتْلَافِ الْمَالِ الْمَذْكُورِ. وَلَا يَأْثَمُ إذَا أَتْلَفَهُ. أَمَّا إذَا لَمْ يُتْلِفْهُ وَصَبَرَ مُرَجِّحًا الْمَنْعَ الْأَصْلِيَّ لِإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ وَقُتِلَ فَيُثَابُ، (الْكَنْزُ، وَأَبُو السُّعُودِ) ؛ لِأَنَّ أَخْذَ مَالِ الْغَيْرِ ظُلْمٌ وَلَا يُبَاحُ الظُّلْمُ، (الْأَنْقِرْوِيُّ) .
[ (مَادَّةُ ١٠٠٣) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُجْبِرُ مُقْتَدِرًا عَلَى إيقَاعِ تَهْدِيدِهِ]
، (مَادَّةُ ١٠٠٣) -، (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُجْبِرُ مُقْتَدِرًا عَلَى إيقَاعِ تَهْدِيدِهِ، بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يُعْتَبَرُ إكْرَاهٌ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِرًا عَلَى إيقَاعِ تَهْدِيدِهِ وَتَنْفِيذِهِ) اقْتِدَارُ الْمُجْبِرِ عَلَى إيقَاعِ مَا تَهَدَّدَ بِهِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْإِكْرَاهِ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْحَامِلَ فَشَمِلَ الصَّبِيَّ الْعَاقِلَ وَمُخْتَلِطَ الْعَقْلِ إذَا كَانَ مُطَاعًا مُسَلَّطًا، (عَبْدُ الْحَلِيمِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ مُعْدِمٌ لِرِضَا الْمُكْرَهِ وَمُفْسِدٌ لِاخْتِيَارِهِ مَعَ بَقَاءِ الْأَهْلِيَّةِ، وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي صُورَةِ اقْتِدَارِ الْمُجْبِرِ عَلَى إيقَاعِ تَهْدِيدِهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُجْبِرُ مُقْتَدِرًا عَلَى إيقَاعِ تَهْدِيدِهِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ التَّهْدِيدُ إكْرَاهًا بَلْ هَذَيَانًا، (لِسَانُ الْحُكَّامِ) . وَبِتَحْقِيقِ الْإِكْرَاهِ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَلَوْ كَانَتْ الِاسْتِعَانَةُ بِالْغَيْرِ مُكْنَةً، وَكَانَ الْخَلَاصُ مِنْ الْجَبْرِ الْمَذْكُورِ قَابِلًا، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، عَبْدُ الْحَلِيمِ) . أَقْسَامُ التَّهْدِيدِ:
كَمَا يَكُونُ التَّهْدِيدُ صَرَاحَةً يَكُونُ دَلَالَةً، (عَبْدُ الْحَلِيمِ) مَثَلًا لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ بِإِتْلَافِ مَالِ أَحَدٍ وَلَمْ يَتَهَدَّدْهُ بِشَيْءٍ، وَلَكِنْ كَانَ الْمُكْرَهُ يَخَافُ أَنْ يَقْتُلَهُ إذَا لَمْ يُتْلِفْ ذَلِكَ الْمَالَ، كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ فِي حُكْمِ الْمُكْرَهِ؛ لِأَنَّ الْإِلْجَاءَ بِاعْتِبَارِ الْخَوْفِ وَقَدْ تَحَقَّقَ، وَالْمَأْمُورُ لَوْ عَلِمَ، بِدَلَالَةِ الْحَالِ، أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ يَقْتُلُهُ أَوْ يَقْطَعُ يَدَهُ أَوْ يَضْرِبُهُ ضَرْبًا يَخَافُ مِنْهُ تَلَفَ نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ، فَيَكُونُ إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا، (أَبُو السُّعُودِ بِتَغْيِيرٍ مَا) . وَيُبَيِّنُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ شَرْطَ الْمُجْبِرِ، وَيَجِبُ التَّفْتِيشُ عَلَيْهِ فِي قِسْمَيْ الْإِكْرَاهِ الْمُحَرَّرِينَ فِي الْمَادَّةِ، (٩٤٩) أَيْضًا. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مُتَغَلِّبٍ كَاللِّصِّ وَقُطَّاعِ الطُّرُقِ مُجْبِرًا كَمَا فِي الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ، وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ فَقَدْ اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (٣٩) ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَعَلَيْهِ فَالْمُجْبِرُ الَّذِي يَكُونُ مُقْتَدِرًا عَلَى إيقَاعِ تَهْدِيدِهِ وَإِجْرَائِهِ يَكُونُ إكْرَاهُهُ مُعْتَبَرًا، أَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِرًا عَلَى إيقَاعِ تَهْدِيدِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ إكْرَاهُهُ؛ لِأَنَّ إكْرَاهَ غَيْرِ الْمُقْتَدِرِ هَذَيَانٌ، (الْهِنْدِيَّةُ) .
أَمْثِلَةٌ لِلْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ: لَوْ ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ، بَعْدَ أَنْ اتَّفَقَتْ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى طَلَاقِهَا مِنْهُ عَلَى مَهْرِهَا، أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute