فَهُوَ مَنْعُ وَضْعِ الْيَدِ مِنْ الْغَيْرِ عَلَى الْأَرْضِ الْمَوَاتِ بِأَحَدِ الْأَسْبَابِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمَادَّةِ (١٢٧٧) وَالْأَسْبَابُ الْمَذْكُورَةُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ وَتَبْقَى الْإِبَاحَةُ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ وَلَكِنْ يَكُونُ الْمُحْتَجِرُ أَوْلَى.
وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ هِيَ عَدَمُ أَخْذِ الْأَرَاضِي الْمَذْكُورَةِ حُكْمًا فِي ظَرْفِ الثَّلَاثِ السَّنَوَاتِ مِنْ يَدِ الْمُحْتَجِرِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لَا تُؤْخَذُ دِيَانَةً إنَّمَا تُؤْخَذُ حُكْمًا فَلِذَلِكَ لَوْ أَحْيَاهَا آخَرُ بِإِذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ فِي ظَرْفِ الثَّلَاثِ السَّنَوَاتِ فَيَمْلِكُهَا الْمُحْيِي عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَلَا يَمْلِكُهَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ (الطُّورِيُّ وَأَبُو السُّعُودِ) فَإِذَا لَمْ يُحْيِهَا الْمُحْتَجِرُ فِي ظَرْفِ الثَّلَاثِ السِّنِينَ فَلَا يَبْقَى لَهُ حَقٌّ أَيْ لَا يَبْقَى لَهُ أَوْلَوِيَّةٌ وَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى لِغَيْرِهِ لِإِحْيَائِهَا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ لِأَنَّ تَسْلِيمَ تِلْكَ الْأَرَاضِي لِلْمُحْتَجِرِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنْ يُعَمِّرَهَا وَيَزْرَعَهَا الْمُحْتَجِرُ وَيَحْصُلَ مِنْ ذَلِكَ نَفْعٌ بِأَخْذِ الْعُشْرِ أَوْ الْخَرَاجِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ هَذَا الْمَقْصِدُ فَلَمْ يَبْقَ ثَمَّةَ فَائِدَةٌ فِي بَقَائِهَا فِي يَدِهِ (الْمِنَحُ بِتَغْيِيرٍ) فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ الدَّفْعُ لِأَجْلِ الْعُشْرِ أَوْ الْخَرَاجِ فَيَقْتَضِي هَذَا الدَّلِيلُ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَهَا وَيَدْفَعَهَا إلَى غَيْرِهِ بَعْدَ الْإِحْيَاءِ أَيْضًا إذَا كَانَ لَمْ يَزْرَعْهَا تَحْصِيلًا لِمَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ بِالْعُشْرِ أَوْ الْخَرَاجِ، قُلْنَا قَدْ مَلَكَهَا بِالْإِحْيَاءِ دُونَ التَّحْجِيرِ، وَالْإِمَامُ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدْفَعَ مَمْلُوكَ أَحَدٍ إلَى غَيْرِهِ لِانْتِفَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَيَقْدِرُ أَنْ يَدْفَعَ غَيْرَ الْمَمْلُوكِ إلَيْهِ لِذَلِكَ فَافْتَرَقَا (الطُّورِيُّ) .
لَا يَلْزَمُ فِي التَّحْجِيرِ إذْنُ السُّلْطَانِ كَمَا فِي الْإِحْيَاءِ وَعَلَيْهِ فَالتَّحْجِيرُ بِلَا إذْنِ السُّلْطَانِ جَائِزٌ (الْهِدَايَةُ) .
مَثَلًا: لَوْ حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ بِدُونِ أَنْ يَصِلَ إلَى الْمَاءِ فَهُوَ تَحْجِيرٌ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ.
وَالْحَفْرُ التَّامُّ إذَا كَانَ بِإِذْنٍ سُلْطَانِيٍّ فَهُوَ إحْيَاءٌ كَمَا بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٢٧٦) أَمَّا إذَا حَفَرَ الْبِئْرَ حَفْرًا تَامًّا بِدُونِ إذْنِ السُّلْطَانِ فَلَا يَكُونُ إحْيَاءً بَلْ يَكُونُ تَحْجِيرًا (الْكِفَايَةُ) .
الْخُلَاصَةُ: إنَّ التَّحْجِيرَ كَمَا يَكُونُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ يَكُونُ أَيْضًا بِلَا إذْنِ السُّلْطَانِ وَعَلَيْهِ فَقَيَّدَ " بَعْدَ إذْنٍ " فِي قَوْلِ مُنْلَا مِسْكِينٍ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ " وَإِنْ حَجَرَ بَعْدَ إذْنٍ لَا يَمْلِكُ " لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا
[ (الْمَادَّةُ ١٢٨٠) حَفَرَ بِئْرًا تَامَّةً فِي الْأَرْضِي الْمَوَاتِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ]
الْمَادَّةُ (١٢٨٠) - (مَنْ حَفَرَ بِئْرًا تَامَّةً فِي الْأَرْضِي الْمَوَاتِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ فَهِيَ مِلْكُهُ) كَذَلِكَ تَكُونُ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا مِنْ جَمِيعِ أَطْرَافِ الْبِئْرِ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْبِئْرِ أَيْضًا اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (١٢٨١ وَ ١٢٨٦) وَلَكِنْ لَا يَمْلِكُ مَاءَ تِلْكَ الْبِئْرِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ مَنْعُ الْآخَرِينَ مِنْ أَخْذِ الْمَاءِ مِنْهَا كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٢٦٨) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute