[ (الْمَادَّةُ ١٨٤٩) إذَا عُرِضَ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ عَلَى الْقَاضِي الْمَنْصُوبِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ]
الْمَادَّةُ (١٨٤٩) - (إذَا عُرِضَ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ عَلَى الْقَاضِي الْمَنْصُوبِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ فَإِذَا كَانَ مُوَافِقًا لِلْأُصُولِ صَدَّقَهُ وَإِلَّا نَقَضَهُ) إذَا عُرِضَ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ عَلَى الْقَاضِي الْمَنْصُوبِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ أَوْ عَلَى مُحَكَّمٍ ثَانٍ لِيُدَقِّقَ الْحُكْمَ مَرَّةً ثَانِيَةً فَإِذَا كَانَ مُوَافِقًا لِلْأُصُولِ صَدَّقَهُ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ مِنْ نَقْضِ الْحُكْمِ الْمُوَافِقِ لِلْأُصُولِ وَالْحُكْمُ ثَانِيَةً بِذَلِكَ. وَفَائِدَةُ تَصْدِيقِ حُكْمِ الْمُحَكَّمِ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي هُوَ: أَنَّهُ لَوْ عُرِضَ هَذَا الْحُكْمُ عَلَى قَاضٍ آخَرَ يُخَالِفُ رَأْيُهُ وَاجْتِهَادُهُ رَأْيَ الْمُحَكَّمِ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ لِأَنَّ إمْضَاءَ وَقَبُولَ الْقَاضِي لِحُكْمِ الْمُحَكَّمِ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ ابْتِدَاءً مِنْ الْقَاضِي؛ أَمَّا إذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْقَاضِي عَلَى حُكْمِ الْمُحَكَّمِ فَيَكُونُ مِنْ الْمُمْكِنِ لِلْقَاضِي الْآخَرِ أَنْ يَنْقُضَ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ الزَّيْلَعِيّ فَإِذَا حَكَمَ الْمُحَكَّمُ حُكْمًا غَيْرَ مُوَافِقٍ لِلْأُصُولِ يَنْقُضُهُ الْقَاضِي وَالْمُحَكَّمُ الثَّانِي. وَعَدَمُ مُوَافَقَةِ حُكْمِ الْمُحَكَّمِ لِلْأُصُولِ يَكُونُ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ خَطَأً لَا يُوَافِقُ أَيَّ مَذْهَبٍ مِنْ الْمَذَاهِبِ؛ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ غَيْرَ مُوَافِقٍ لِمَذْهَبِ الْمُجْتَهِدِ الَّذِي يُقَلِّدُهُ الْقَاضِي وَلَا يُوَافِقُ رَأْيَ أَيِّ مُجْتَهِدٍ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ وَالْعُلَمَاءِ. وَبِمَا أَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي يَكُونُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ ظُلْمٌ وَاجِبٌ رَفْعُهُ فَيُرْفَعُ هَذَا الْحُكْمُ وَيُنْقَضُ وَيَحْكُمُ الْقَاضِي فِي الْقَضِيَّةِ عَلَى وَجْهِ الْحَقِّ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ مُوَافِقًا لِمَذْهَبِ أَحَدِ الْمُجْتَهِدِينَ إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ غَيْرَ مُوَافِقٍ لِمَذْهَبِ الْمُجْتَهِدِ الَّذِي يُقَلِّدُهُ الْقَاضِي الَّذِي عُرِضَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَنْقُضُ الْقَاضِي ذَلِكَ الْحُكْمَ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْمُحَكَّمِ مَقْصُورَةٌ عَلَى الطَّرَفَيْنِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ وَحُكْمُ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ لَا يَرْفَعُ خِلَافَ الْمَسَائِلِ الْخِلَافِيَّةِ أَيْ أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّ الطَّرَفَيْنِ فَقَطْ وَالْمُحَكَّمُ فِي حَقِّ سَائِرِ النَّاسِ هُوَ كَآحَادِ النَّاسِ وَبِمَا أَنَّ الْمُحَكَّمَ لَمْ يَحْكُمْ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي فَلَا يَكُونُ الْقَاضِي مُلْزَمًا بِتَنْفِيذِهِ بِعَكْسِ الْقَاضِي فَحَيْثُ إنَّ لَهُ وِلَايَةً عَامَّةً فَحُكْمُهُ يَرْفَعُ الِاخْتِلَافَ وَيَنْفُذُ فِي حَقِّ كَافَّةِ النَّاسِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " ١٨٣٣ ". إنَّ الْمُحَكَّمَ لَيْسَ كَالْقَاضِي فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ وَنَذْكُرُ هُنَا بَعْضَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ حُكْمِ الْمُحَكَّمِ رِضَاءُ الْمُحَكِّمَيْنِ (بِكَسْرِ الْكَافِ) أَمَّا حُكْمُ الْقَاضِي فَيَصِحُّ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي الدِّيَةِ عَنْ الْحَدِّ وَالْقَوَدِ وَالْعَاقِلَةِ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ حُكْمُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لِلْمُحَكِّمَيْنِ عَزْلُ الْمُحَكَّمِ قَبْلَ الْحُكْمِ وَلَيْسَ لَهُمَا عَزْلُ الْقَاضِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute