للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيلَ " وَالْعَمَلُ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ "، وَالْمَقْصُورُ مِنْ الْعَمَلِ هُوَ السَّقْيُ وَالْحِفْظُ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ وَهُوَ يَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْعَمَلُ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ الزَّرْعُ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ وَهُوَ نَقْلُ الْبَذْرِ إلَى مَوْضِعِ الْأَرْضِ وَزَرْعُهُ فِي الْأَرْضِ وَسَقْيُ الزَّرْعِ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهِ وَكَرْيُ النَّهْرِ لِلْإِسْقَاءِ وَهَذَا الْعَمَلُ عَلَى الْعَامِلِ أَيْ عَلَى الزَّارِعِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُشْرَطْ صَرَاحَةً عَلَى الزَّارِعِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ هَذَا الْعَمَلِ عَلَى الزَّارِعِ هُوَ مِنْ مُقْتَضَى عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الزَّارِعُ هَذَا الْعَمَلَ فَفَسَدَ الزَّرْعُ فَيَجِبُ الضَّمَانُ كَمَا وُضِّحَ فِي الْمَادَّةِ (١٤٣٨) .

الْقِسْمُ الثَّانِي - الْعَمَلُ الْوَاقِعُ بَعْدَ إدْرَاكِ الْمَحْصُولِ وَقَبْلَ قِسْمَتِهِ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّرْعِ كَالْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ وَالرِّفَاعِ أَيْ رَفْعُ الزَّرْعِ إلَى الْبَيْدَرِ وَالتَّذْرِيَةِ وَقَلْعِ الْمَشَارَةِ أَيْ تَنْقِيَةِ النَّبَاتَاتِ الْمُضِرَّةِ وَالسِّرْقِينِ أَيْ تَزْبِيلُ الْأَرْضِ، فَهَذِهِ الْأَعْمَالُ تَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ وَعَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ مَعًا بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمَا مِنْ الْحَاصِلَاتِ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ فَلِذَلِكَ إذَا شُرِطَتْ الْمَصَارِفُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى الْعَامِلِ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ شَرْطٌ نَافِعٌ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ شَرْطَ أُجْرَةِ الْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ وَالتَّذْرِيَةِ عَلَى الْعَامِلِ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَى تَعَامُلِ النَّاسِ وَاعْتِبَارًا بِالِاسْتِصْنَاعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالْمُفْتَى بِهِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا لَمْ يُشْرَطْ أُجْرَةُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى الْعَامِلِ فَيَدْفَعُهَا الطَّرَفَانِ بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمَا مِنْ الْحَاصِلَاتِ وَإِذَا شُرِطَ فَتَلْزَمُ الْعَامِلَ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ أَمَّا إذَا شُرِطَ هَذَا الْمُصْرَفُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ فَهُوَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَامُلَ فِي ذَلِكَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ - الْعَمَلُ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ وَالْقِسْمَةِ فَمُصْرَفُ هَذَا الْعَمَلِ يَلْزَمُ مَنْ وَقَعَ فِي حِصَّتِهِ فَقَطْ مَثَلًا إذَا قُسِمَتْ الْحَاصِلَاتُ فِي الْبَيْدَرِ وَخَرَجَ لِأَحَدِهِمَا مِائَتَا كَيْلَةٍ وَالْآخَرِ خَمْسُونَ كَيْلَةً وَلَزِمَ نَقْلُهُمَا إلَى الْمَخْزَنِ فَيَدْفَعُ صَاحِبُ الْمِائَةِ كَيْلَةٍ مُصَارَفَ نَقْلِ حَاصِلَاتِهِ مِنْهُ خَاصَّةً كَمَا أَنَّ صَاحِبَ الْخَمْسِينَ كَيْلَةً يَدْفَعُ مُصَارَفَ نَقْلِ حَاصِلَاتِهِ مِنْهُ خَاصَّةً لِتَمْيِيزِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ مِلْكِ الْآخَرِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ (وَالْعَمَلُ مِنْ طَرَفٍ آخَرَ) أَنَّهُ لَوْ زَرَعَ أَحَدٌ أَرْضًا وَأَدْرَكَ الزَّرْعَ فَأَعْطَى الْأَرْضَ مُزَارَعَةً لِآخَرَ لَا يَصِحُّ أَمَّا إذَا أَعْطَاهَا قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ وَكَانَ الزَّرْعُ مُحْتَاجًا لِأَعْمَالٍ كَالسَّقْيِ وَالْحِفْظِ جَازَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إعْطَاؤُهَا مُزَارَعَةً لِآخَرَ. اُنْظُرْ الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْجَدْوَلِ الْوَارِدِ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ)

[ (الْمَادَّةُ ١٤٣٢) رُكْنُ الْمُزَارَعَةِ]

الْمَادَّةُ (١٤٣٢) - (رُكْنُ الْمُزَارَعَةِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فَعَلَيْهِ إذَا قَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ أَيْ الْمُزَارِعِ: أَعْطَيْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْ الْحَاصِلَاتِ كَذَا حِصَّةً وَقَالَ الزَّارِعُ: قَبِلْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ قَالَ قَوْلًا يَدُلُّ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>