للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّضَاءِ أَوْ قَالَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ: أَعْطِنِي أَرْضَكَ عَلَى وَجْهِ الْمُزَارَعَةِ لِأَعْمَلَ فِيهَا وَرَضِيَ الْآخَرُ تَنْعَقِدُ الْمُزَارَعَةُ) . رُكْنُ الْمُزَارَعَةِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ كَرُكْنِ الْعُقُودِ الْأُخْرَى فَعَلَيْهِ إذَا قَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ أَيْ لِلزَّارِعِ: أَعْطَيْتُكَ هَذِهِ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ تَأْخُذَ كَذَا حِصَّةً مِنْ الْحَاصِلَاتِ وَقَالَ الزَّارِعُ: قَبِلْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ قَالَ قَوْلًا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَهَذَا مِثَالٌ عَلَى كَوْنِ الْإِيجَابِ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْقَبُولِ مِنْ الْمُزَارِعِ، أَمَّا مَا بَعْدَهُ فَهُوَ بِالْعَكْسِ أَوْ قَالَ الزَّارِعُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ: أَعْطِنِي أَرْضَكَ الْفُلَانِيَّةَ عَلَى وَجْهِ الْمُزَارَعَةِ لِأَعْمَلَ فِيهَا وَعَلَى أَنْ آخُذَ كَذَا حِصَّةً مِنْ الْحَاصِلَاتِ وَرَضِيَ الْآخَرُ تَنْعَقِدُ الْمُزَارَعَةُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ) حُكْمُ الْمُزَارَعَةِ، لِلْمُزَارَعَةِ حُكْمَانِ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - الْحُكْمُ حَالًا وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ أَيْ أَنَّ الْمُزَارِعَ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ وَصَاحِبُ الْأَرْضِ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ الْعَامِلِ.

الْحُكْمُ الثَّانِي - الْحُكْمُ مَآلًا وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الشَّرِكَةِ فِي الْخَارِجِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوطِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ مَحْصُولٌ فَلَا يَكُونُ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ شَيْءٌ أَيْ لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَخْذُ أُجْرَةِ عَمَلِهِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَخْذُ أُجْرَةِ أَرْضِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ مِنْ الْعَامِلِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَلِفَتْ الْحَاصِلَاتُ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ بِإِصَابَتِهَا بِإِحْدَى الْآفَاتِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُطَالِبَ الْآخَرَ بِشَيْءٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) صِفَةُ الْمُزَارَعَةِ عَدَمُ اللُّزُومِ مِنْ جَانِبِ صَاحِبِ الْبَذْرِ حَذَرًا عَنْ إتْلَافِ بَذْرِهِ وَلَا يَدْرِي هَلْ يَخْرُجُ أَمْ لَا فَصَارَ نَظِيرَ مَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِهَدْمِ دَارِهِ ثُمَّ امْتَنَعَ أَمَّا إذَا لَمْ يَأْبَ لَكِنْ وَجَدَ عَامِلًا أَرْخَصَ مِنْهُ أَوْ أَرَادَ هَدْمَهَا بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا لِلْعَامِلِ تَحْلِيفُهُ عِنْدَ الْقَاضِي عَلَى الِامْتِنَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ غَيْرَ مَا أَظْهَرَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَفِي هَذَا الْحَالِ لَوْ فَسَخَ رَبُّ الْبَذْرِ بَعْدَ كِرَابِ الْعَامِلِ لِلْأَرْضِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ قَضَاءً مُقَابِلَ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّ مَا أَوْجَدَهُ الْعَامِلُ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَنْفَعَةِ وَالْمَنَافِعُ إنَّمَا تَتَقَوَّمُ بِالْعَقْدِ فَإِذَا لَمْ يَخْرُجْ وَيَنْتُجْ شَيْءٌ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ وَلَكِنْ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إرْضَاءُ الْعَامِلِ دِيَانَةً بِسَبَبِ أَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ قَدْ غَرَّرَ بِالْعَامِلِ (الطُّورِيُّ) فَيُفْتِي الْمُفْتِي بِإِعْطَاءِ أَجْرِ مِثْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِهِ وَحَكَمَ مِنْ جِهَةِ الطَّرَفِ الْآخَرِ أَيْ غَيْرِ صَاحِبِ الْبَذْرِ بِاللُّزُومِ وَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْمُزَارَعَةِ بِلَا عُذْرٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١١٤) أَمَّا إذَا بَذَرَ صَاحِبُ الْبَذْرِ فَيُصْبِحُ لَازِمًا فِي حَقِّ الطَّرَفَيْنِ وَلَا يَقْتَدِرُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْفَسْخِ بِلَا عُذْرٍ فَلِذَلِكَ لَوْ امْتَنَعَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ إجْرَاءِ الْعَمَلِ بِمُوجِبِ الْمُزَارَعَةِ فَيُجْبَرُ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>