وَقَوْلُهُ " بِإِذْنِ السُّلْطَانِ " هُوَ لِلسَّبَبِ الْمُبَيَّنِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " ١٢٧٢ " فَلِذَلِكَ إذَا حَفَرَ أَحَدٌ بِئْرًا تَامَّةً بِدُونِ إذْنِ السُّلْطَانِ فَلَا يَكُونُ إحْيَاءً أَيْ لَا يَمْلِكُهَا حَافِرُهَا بَلْ يَكُونُ مُحَجِّرًا لَهَا كَمَا أَنَّهَا إذَا بَاشَرَ حَفْرَ الْبِئْرِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَتَرَكَ الْحَفْرَ قَبْلَ خُرُوجِ الْمَاءِ فَهُوَ تَحْجِيرٌ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٢٧٧ ١) .
[ (الْفَصْلُ السَّادِسُ) فِي بَيَانِ حَرِيمِ الْآبَارِ الْمَحْفُورَةِ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ]
[ (الْمَادَّةُ ١٢٨١) حَرِيمُ الْبِئْرِ]
الْفَصْلُ السَّادِسُ (فِي بَيَانِ حَرِيمِ الْآبَارِ الْمَحْفُورَةِ وَالْمِيَاهِ الْمُجْرَاةِ وَالْأَشْجَارِ الْمَغْرُوسَةِ بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ) وَحَرِيمُ الشَّيْءِ هِيَ حُقُوقُهُ وَمَرَافِقُهُ الَّتِي حَوْلَهُ وَأَطْرَافُهُ، وَتَسْمِيَتُهُ حَرِيمًا هُوَ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ بِهِ وَالِانْتِفَاعَ مِنْهُ لِغَيْرِ مَالِكِهِ حَرَامٌ وَمَمْنُوعٌ اُنْظُرْ مَادَّةَ (٩٦) (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَأَبُو السُّعُودِ " ١ ") الْمَادَّةُ (١٢٨١) - (حَرِيمُ الْبِئْرِ: أَيْ حُقُوقُ سَاحَتِهَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ طَرَفٍ) حَرِيمُ الْبِئْرِ الَّتِي تُحْفَرُ فِي الْأَرْضِ الْمَوَاتِ بِإِذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ أَيْ حُقُوقُ سَاحَتِهَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ طَرَفٍ أَيْ مِنْ جَوَانِبِهَا الْأَرْبَعَةِ وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْبِئْرِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ مُتَسَاوٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْبِئْرُ بِئْرًا نَاضِحَةً أَيْ الَّتِي يُسْتَخْرَجُ مِنْهَا الْمَاءُ بِدُولَابٍ أَيْ بِحَيَوَانَاتٍ أَوْ كَانَتْ بِئْرًا عَطِنًا وَهِيَ الَّتِي يُسْتَخْرَجُ مِنْهَا الْمَاءُ بِالتَّحْرِيكِ أَوْ بِالدَّلْوِ أَيْ أَنَّ حَرِيمَ هَذَيْنِ وَاحِدٌ أَيْ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا أَمَّا إذَا كَانَ عُمْقُ الْبِئْرِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا فَعَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يُزَادُ الْحَرِيمُ بِقَدْرِ مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ حَبْلُ الْبِئْرِ كَمَا إنَّهُ إذَا لَمْ يَكْفِ هَذَا الْحَرِيمُ لِرَخَاوَةِ الْأَرْضِ وَاقْتَضَى مَنْحُهَا حَرِيمًا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَيَجِبُ مَنْحُهَا الْحَرِيمَ الَّذِي تَحْتَاجُهُ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ الِاعْتِبَارُ لِلْحَاجَةِ وَلَيْسَ لِلتَّقْدِيرِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَشَرْحُ الْمَجْمَعِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَأَبُو السُّعُودِ وَالشِّبْلِيُّ وَالطُّورِيُّ) . إلَّا أَنَّهُ حَيْثُ حَصَرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْحَرِيمَ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا فَلَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِتَزْيِيدِ الْحَرِيمِ فِي حَالِ الِاحْتِيَاجِ إلَى التَّزْيِيدِ، وَتَعْبِيرُ مِنْ كُلِّ طَرَفٍ هُوَ حَتَّى لَا يُفْهَمَ أَنَّ الْأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا هِيَ مَجْمُوعُ الْأَرْبَعَةِ الْأَطْرَافِ، أَيْ عَشْرُ أَذْرُعٍ مِنْ كُلِّ طَرَفٍ، وَحَيْثُ إنَّ الْحَرِيمَ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ طَرَفٍ فَيُسَاوِي مَجْمُوعُهُ مِائَةً وَسِتِّينَ ذِرَاعًا وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْبِئْرِ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا فِي دَاخِلِ الْحَرِيمِ أَوْ أَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا آخَرَ.
وَسَبَبُ كَوْنِ حَرِيمِ الْبِئْرِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ هُوَ لِئَلَّا يَحْفِرَ أَحَدٌ فِي جِوَارِ الْبِئْرِ بِئْرًا أُخْرَى وَيُحَوِّلَ مَاءَ الْبِئْرِ الْأُولَى إلَى بِئْرِهِ وَيَضُرَّ بِصَاحِبِ الْبِئْرِ الْأُولَى وَلَا يُدْفَعَ هَذَا الضَّرَرُ بِإِعْطَاءِ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ حَرِيمًا لِلْبِئْرِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ لِأَنَّ الْأَرَاضِيَ تَخْتَلِفُ عَنْ بَعْضِهَا بِالصَّلَابَةِ وَالرَّخَاوَةِ فَلِذَلِكَ لَزِمَ إعْطَاءُ حَرِيمٍ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا بَعِيدَةً عَنْ الْبِئْرِ الْأُولَى بِأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا يُوجِبُ جَذْبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute