للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ وَضَمَانَاتِهَا]

عَطْفُ الضَّمَانَاتِ عَلَى الْأَحْكَامِ عَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ.

وَلِلْوَدِيعَةِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ:

١ - كَوْنُ الْمَالِ أَمَانَةً وَاجِبَةَ الْحِفْظِ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ.

وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٧٧٧) .

٢ - لُزُومُ الرَّدِّ وَالْإِعَادَةِ عِنْدَ الطَّلَبِ. وَهَذَا مَسْطُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٧٩٤) .

٣ - كَوْنُ قَبُولِ الْوَدِيعَةِ مُسْتَحَبًّا (الْبَحْرُ) . وَلَا ذِكْرَ لِهَذَا الْحُكْمِ فِي الْمَجَلَّةِ لِأَنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ.

(الْمَادَّةُ ٧٧٧) الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا هَلَكَتْ أَوْ فُقِدَتْ بِدُونِ صُنْعِ الْمُسْتَوْدَعِ وَتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. فَقَطْ إذَا أُودِعَتْ بِأُجْرَةٍ لِأَجْلِ الْحِفْظِ وَهَلَكَتْ بِسَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ كَالسَّرِقَةِ تَكُونُ مَضْمُونَةً. مَثَلًا إذَا سَقَطَتْ السَّاعَةُ الْمُودَعَةُ مِنْ يَدِ رَجُلٍ قَضَاءً وَانْكَسَرَتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَأَمَّا إذَا وَطِئَهَا بِرِجْلِهِ أَوْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ عَلَيْهَا وَانْكَسَرَتْ لَزِمَ الضَّمَانُ. كَذَلِكَ إذَا أَعْطَى رَجُلٌ لِآخَرَ أُجْرَةً لِأَجْلِ إيدَاعِ وَحِفْظِ مَالِهِ ثُمَّ فُقِدَ ذَلِكَ الْمَالُ بِسَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ كَالسَّرِقَةِ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ.

الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ لَازِمَةُ الْحِفْظِ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَلْزَمُ مَعْرِفَةُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:

الْأَوَّلُ: الْحَافِظُ.

الثَّانِي: عِلَّةُ الْحِفْظِ.

وَالثَّالِثُ: كَيْفِيَّةُ الْحِفْظِ.

فَالْأَوَّلُ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٧٨٠) وَالثَّانِي فِي الْمَادَّةِ (٧٨١) وَالثَّالِثُ فِي الْمَادَّةِ (٧٨٢) .

بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا أَوْ فُقِدَتْ بِدُونِ صُنْعِ الْمُسْتَوْدَعِ وَتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ كَمَا لَوْ سُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ يَعْنِي أَنَّ خَسَائِرَهَا تَعُودُ عَلَى الْمُودِعِ. اُنْظُرْ الْقَاعِدَةَ الْأُولَى فِي الْمَادَّةِ (٧٦٨) ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ الْأَكْرَمَ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَالَ: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ وَلَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ» وَمَعْنَى أَهَلَكْت وَالْإِغْلَالُ الْخِيَانَةُ. ثُمَّ حَيْثُ إنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الْإِيدَاعِ أُهْلِكَتْ بِنَاءً عَلَى

احْتِيَاجِ النَّاسِ

فَلَوْ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْ قَبُولِ الْوَدِيعَةِ وَلَزِمَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ تَعْطِيلُ الْمَصَالِحِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ الْمُسْتَوْدَعُ: وَقَعْت الْوَدِيعَةُ مِنِّي أَوْ وَقَعَتْ الْوَدِيعَةُ، فَكِلَا الْقَوْلَيْنِ ادِّعَاءٌ بِفِقْدَانِ الْوَدِيعَةِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ.

رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٦٠٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>