[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي تَصَرُّفِ الْعَاقِدِينَ فِي الْمَأْجُورِ وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ]
الْمَادَّةُ ٥٨٦) لِلْمُسْتَأْجِرِ إيجَارُ الْمَأْجُورِ لِآخَرَ قَبْلَ الْقَبْضِ إنْ كَانَ عَقَارًا، وَإِنْ كَانَ مَنْقُولًا فَلَا. لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى قَوْلِ إيجَارِ الْمَنَافِعِ الَّتِي يَقْتَدِرُ عَلَى اسْتِيفَائِهَا مِنْ آخَرَ غَيْرِ الْمُؤَجِّرِ بِنَاءً عَلَى الصَّلَاحِيَةِ الْمُعْطَاةِ لَهُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ إنْ كَانَ الْمَأْجُورُ عَقَارًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٢٥٣) (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) . فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ جَوَازِهِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَلِفَتْ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا فِي الْإِجَارَةِ بِهَلَاكِ الْمَأْجُورِ يَحْصُلُ غَرَرُ الِانْفِسَاخِ فَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ إجَارَتُهُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ هِيَ بَيْعُ الْمَنْفَعَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِجَوَازِهِ عَلَى قَوْلٍ، وَقَدْ أَخَذَتْ الْمَجَلَّةُ بِهَذَا الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي وَاقِعَاتِ الْمُفْتِينَ: (وَإِجَارَةُ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ قِيلَ: عَلَى الْخِلَافِ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ وَمَنْفَعَةُ الْعَقَارِ يُتَصَوَّرُ هَلَاكُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ بِهَلَاكِ الْبِنَاءِ فَيُتَمَكَّنُ فِيهِ الْغَرَرُ وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ إجَارَتُهُ؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ مَنْفَعَةٍ، فَلَا يَجُوزُ كَبَيْعِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُتَمَكَّنُ غَرَرُ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ فِي الْإِجَارَةِ بِهَلَاكِ الْمُسْتَأْجِرِ) انْتَهَى. مَثَلًا لَوْ آجَرَ أَحَدٌ الدَّارَ أَوْ الْأَرْضَ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ آخَرَ صَحَّ إذَا رَخَّصَ الْمُؤَجِّرُ الْأَوَّلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي بِالْقَبْضِ (الْأَنْقِرْوِيّ) . إذَا كَانَ بَدَلُ الْإِيجَارِ خِلَافَ جِنْسِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ الثَّانِي أَوْ مُعَادِلًا لَهُ أَوْ أَقَلَّ فَيَحِلُّ بَدَلُ الْإِجَارَةِ الثَّانِي لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَإِذَا كَانَ زَائِدًا وَكَانَ الْمُسْتَأْجِر الْأَوَّلُ زَادَ فِي الْمَأْجُورِ شَيْئًا، وَإِنْ كَلَسَ الدَّارَ الْمُسْتَأْجِرَةَ فَتَحِلُّ لَهُ أَيْضًا، وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّق بِالزِّيَادَةِ. كَنْسُ الدَّارِ لَا يُعَدُّ زِيَادَةً. وَقَدْ جَاءَ فِي الْبَابِ السَّابِعِ مِنْ الْهِنْدِيَّةِ لَوْ أَجَّرَهَا بِمِثْلِ مَا اسْتَأْجَرَهَا أَوْ أَقَلَّ، وَإِنْ أَجَّرَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَهَا فَهِيَ جَائِزَةٌ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ جِنْسِ الْأُجْرَةِ الْأُولَى فَإِنَّ الزِّيَادَةَ تَطِيبُ لَهُ وَيَتَصَرَّفُ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهَا طَابَتْ لَهُ الزِّيَادَةُ، وَلَوْ زَادَ فِي الدَّارِ زِيَادَةً، كَمَا لَوْ وَتَدَ فِيهَا وَتَدًا أَوْ حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا أَوْ طِينًا، أَوْ أَصْلَحَ أَبْوَابَهَا أَوْ شَيْئًا مِنْ حَوَائِطِهَا طَابَتْ لَهُ الزِّيَادَةُ، أَمَّا الْكَنْسُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ زِيَادَةٌ وَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهَا مَنْ شَاءَ إلَّا الْحَدَّادَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَضُرُّ بِالْبِنَاءِ وَيُوهِنُهُ إلَخْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute